أحلام اليقظة عند المراهقين ..مفتاح للإبداع أم عائق !!

سلسلة استمتعي برحلتك ..لستِ وحدك !

بقلم : أ / حنان حسين ,, مستشارة تربوية وأستاذة في الدراسات النفسية

53
0

هل سبق لك أن جلست في الصف، وشردت أفكارك بعيدًا عن الدرس ؟ أو تخيلت نفسك في مغامرة مثيرة بينما كنت تنتظرين دورك في طابور ؟ تلك اللحظات ليست مجرد هروب من الواقع، بل هي جزء من تجربة طبيعية تُعرف بأحلام اليقظة !!

ففي عالم يتسم بالضغوط والتحديات، يجد المراهقون أنفسهم في دوامة من المشاعر والأفكار المتضاربة، حيث تتداخل الأحلام مع الواقع وتتشابك الأفكار، فتجدين نفسكِ أحيانًا تسرحين في أحلام اليقظة، وتتخيلين عوالم مثالية أو مغامرات مذهلة، وهي من أبرز الظواهر التي تصاحب هذه المرحلة، والتي تمثل رحلة داخل عالم الخيال، حيث ينسج المراهقون قصصًا وأحلامًا تعبر عن رغباتهم وآمالهم .

في هذا المقال، سنغوص في أعماق هذا العالم الخيالي، مستكشفين .. ماذا تعني هذه الأحلام؟

وما هي الأسباب الكامنة وراء تزايدها في هذه المرحلة العمرية؟

هل هي أداة للإبداع، أم أنها قد تتحول إلى عائق أمام تحقيق الأهداف؟

وهل يمكن أن يكون هذا السلوك هو نوع من الحيل الدفاعية ؟! .. فاستعدي لجولة ممتعة ومفيدة في أعماق خيالك .

ما هي أحلام اليقظة؟

أحلام اليقظة هي حالة من التركيز الذهني حيث ينغمس الشخص في خيالات وأفكار خاصة به، بعيدًا عن الواقع المحيط .

وتعتبر من سمات مرحلة المراهقة ،، الفريدة والمليئة بالتغيرات، حيث يتطور العقل وتتسع الآفاق، وفي هذه الفترة، يكون الخيال نشطًا، مما يجعل أحلام اليقظة شائعة، تبحثين عن هويتك، وتستكشفين رغباتك، وهذا ينعكس في خيالاتك .

أحلام اليقظة شائعة بين المراهقين، وهي تجربة طبيعية .. إليك بعض الأسباب التي قد تجعلك تعانين منها

  • حيلة دفاعية ووسيلة للهروب من الواقع : خاصة عندما تواجهين ضغوطًا في المدرسة أو في العلاقات الاجتماعية .

لنأخذ مثال “منى”، الفتاة التي كانت تشعر بالقلق من الإمتحانات، كانت تقضي ساعات في تخيل نفسها في أماكن جميلة، بعيدًا عن التوتر ، وبينما كانت هذه اللحظات تمنحها شعورًا بالراحة، كانت تبتعد عن الدراسة ! .. مما أثر على أدائها .

  • استكشاف الهوية : تبحثين عن نفسك وتفكرين في مستقبلك، مما يجعلك تنغمسين في خيالات حول ما تريدين أن تكوني .
  • الخيال الواسع : في هذه المرحلة من الحياة، يكون الخيال نشطًا، مما يؤدي إلى تصور سيناريوهات مختلفة. وهذه الأحلام قد تكون وسيلة للتعبير عن الأفكار والرغبات .

  • الشعور بالملل : في بعض الأحيان، تكون اللحظات الهادئة فرصة لخيالك للانطلاق، وقد تنشأ أحلام اليقظة بسبب الشعور بالملل أو عدم الانشغال .

هناك بعض العلامات التي قد تشير إلى أن الاستغراق في أحلام اليقظة قد أصبح مشكلة .. وفيه بعض المخاطر ، ومن هذه العلامات

  • الشعور بالإنفصال : إذا كنت تشعرين بالإنفصال عن الواقع أو أنك تعيشين في عالم خيالي لفترات طويلة ,, مما يجعلكِ تفتقدين الفرص الحقيقية . مثل “منى”، التي وجدت نفسها تتخلف عن الدروس المهمة .

  • يمكن أن تؤدي إلى توقعات غير واقعية . إذا كنتِ تركزين على العوالم التي تتخيلينها .. قد تجدين صعوبة في التعامل مع الواقع عندما لا يتماشى مع توقعاتك، مما يمكن أن يسبب لكِ الإحباط عندما لا تتحقق هذه التوقعات .

  • التأثير على الإنتاجية والأداء الأكاديمي وعلى الحياة اليومية : إذا كانت أحلام اليقظة تؤثر على قدرتك على التركيز في الدراسة أو العمل أو الأنشطة الاجتماعية ,. قد تجدين نفسكِ تتأخرين في الدراسة أو تفوتين الفرص .

  • تجنب المواقف الحقيقية والهروب من الواقع : إذا كنت تستخدمين أحلام اليقظة كوسيلة للهروب من المواقف الصعبة أو الضغوط الحياتية. فبتجنبك مواجهة التحديات، قد تتفاقم المشاكل بدلاً من حلها.

  • الشعور بالذنب أو القلق : إذا شعرت بالذنب أو القلق بعد قضاء وقت طويل في أحلام اليقظة .

  • التأثير على العلاقات : إذا كانت الأحلام تؤثر سلبًا على علاقاتك مع الأصدقاء أو العائلة .. وإن هذا قد يؤدي إلى الشعور بالوحدة والعزلة .

  • صعوبة اتخاذ القرارات : إذا كنتِ تعيشين في عالم خيالك، قد تواجهين صعوبة في اتخاذ قرارات واقعية، مما يؤثر على مسيرتكِ الحياتية .

إذا كنت تعانين من أي من هذه العلامات، فقد يكون من المفيد التحدث مع مختص لمساعدتك في التعامل مع هذه التجربة .

أحلام اليقظة : بوابتك لعالم الإبداع والإلهام .

– تعزيز الإبداع : يمكن أن تكون أحلام اليقظة مصدرًا للإلهام والأفكار الجديدة .

– تخفيف التوتر : تساعد على الهروب من الضغوط والقلق لفترات قصيرة .

– تطوير مهارات التخيل : تنمي مهارات التفكير الإبداعي .

كيف أدير أحلام اليقظة بتوازن ؟؟

إدارة أحلام اليقظة بشكل متوازن يمكن أن يساعدك في الاستفادة منها دون أن تؤثر سلبًا على حياتك اليومية،

إليك بعض النصائح :

  • اكتبي أفكارك : سجلي أفكارك وأحلامك في دفتر، فهذا يساعدك في تنظيمها وتقليل الانشغال الذهني .

  • تفاعلي مع العالم من حولك : شاركي في الأنشطة الاجتماعية أو الرياضية لتقليل الوقت المخصص لأحلام اليقظة .

  • مارسي التأمل : التأمل يمكن أن يساعد في زيادة الوعي الذاتي وتحسين التركيز .

  • تقنية بومودورو : استخدمي مؤقتًا للعمل لمدة 25 دقيقة ثم خذي استراحة لمدة 5 دقائق، يساعد ذلك في تعزيز التركيز .

  • التخلص من المشتتات : حاولي تقليل المشتتات في بيئتك، مثل إيقاف تشغيل الهاتف أو تقليل الضوضاء أثناء الدراسة .

  • وضع أهداف واضحة : حددي أهدافًا قصيرة وطويلة المدى لتبقي نفسك مركزة على ما تريدين تحقيقه .

    تجربة هذه التقنيات يمكن أن تساعدك في تحسين التركيز والعودة إلى الواقع بشكل أفضل .

دعينا نأخذ “فاطمة” كمثال : فقد كانت تحلم بأن تصبح مهندسة معمارية، لكنها كانت تميل للعيش في أحلامها دون العمل الجاد لتحقيق ذلك. بعد فترة، أدركت أن عليها أن توازن بين أحلام اليقظة والواقع، بدأت في دراسة الهندسة وشاركت في مسابقات تصميم، بتفانيها في العمل وجهودها، حصلت على منحة لدراسة الهندسة في جامعة مرموقة .

وفي ختام رحلتنا عبر عالم أحلام اليقظة، نجد أن هذه الظاهرة تحمل في طياتها مزيجًا من الفوائد والمخاطر . تذكري أنها يمكن أن تكون أداة فعالة للتعامل مع الضغوط، ولكن عليكِ أن توازني بينها وبين الواقع. استخدميها كوسيلة للإلهام ولكن لا تدعيها تعيق تقدمك .

إن إدارة هذه الأحلام بتوازن يمثل التحدي الأكبر ، فأنتِ قادرة على تحقيق أحلامك، وتحويلها من مجرد خيالات إلى أدوات تعزز الإبداع، لكن عليكِ أن تواجهي التحديات بشجاعة،

وتذكري أن الحياة ليست مجرد أحلام، بل هي أيضًا أفعال !

حنان حسين
WRITTEN BY

حنان حسين

ماجستير علم النفس المهني . بكالوريوس علم الإجتماع . دبلوم التربية العام . دبلوم الصحة النفسية .أستاذه في الدراسات النفسية والإجتماعية . مستشارة تربوية .مدربة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *