ليلى فتاه في السابعة عشر من عمرها، كانت تكره شعرها المجعد وتحاول فرده باستمرار، مما أتلف شعرها وزاد من إحباطها. لكن عندما بدأت تتابع فتيات مؤثرات على وسائل التواصل الاجتماعي يحتفين بجمال شعرهن الطبيعي، بدأت ليلى تتقبل شعرها وتحبه. اكتشفت تسريحات جميلة تناسبه وأدركت أن جمالها يكمن في تفرده .
اقبلي جسدك ( مظهرك الخارجي )
كل واحدة منَّا فريدة بجمالها الخاص، فقد تكونين طويلة أو قصيرة، سمراء أو بيضاء، ذات شعر مجعد أو ناعم. هذه الاختلافات هي سر جمالنا وتنوعنا. لا تدعي معايير الجمال “المثالية” التي تروجها وسائل الإعلام تؤثر على نظرتكِ لنفسك، وتذكري أن هذه المعايير غالباً ما تكون غير واقعية وغير صحية .
قد تحبين جسدك أو تكرهينه، لكن لن يكون لك سواه طوال حياتك ..لهذا من المهم أن نتعلم قبول أجسادنا وحبها والامتنان لها لعملها على أكفأ وجه، فعدم قبول الجسد ثقل يُقبع على أكتاف صاحبه .
ما معنى قبول الذات ومامدى أهميته ؟
هذا المفهوم مهم جداً، فلا يمكن أن يكون الشخص واثقاً من نفسه وهو يرفض ذلك في أعماق نفسه أو شخصه، إن القبول سر من أسرار السعادة، أكثر الناس قبولاً أكثرهم سعادة والعكس صحيح، وأكثر الناس قبولاً أكثرهم مساعدة للآخرين، والقبول لا يرتبط بالكمال أو انتفاء العيوب والأخطاء والنواقص .. قبول الذات يعني في الأساس احترام المرء ذاته أو حبه إياها، مع اعترافه في الوقت ذاته بنقاط ضعفها وجوانب قصورها ..
كراهية الذات يمكن أن تأخذ أشكالاً عدة :
- رفض عبارات المجاملة التي تسدى إليك .
- اختلاق أعذار ومبررات عندما يعتقد الآخرون بأنك تبدين جميلة .
- إرجاع الفضل إلى الآخرين في الوقت الذي تكونين أنت المستحقة له .
- استخدام كلمات تشير إلى الآخرين بكثرة سعيك لتأكيد آرائك من قبل الآخرين .
- تجنب شراء شيء ما لنفسك، لأنك تعتقدين أنه ينبغي عليك أن تشتريه من أجل شخص آخر .
- تجنب الاستمتاع بما هو مباح، كالزهور والعطور والمجوهرات وما إلى ذلك، رغم أنك ترغبين فيها، ولكنك ترين أن ذلك يُعد إسرافًا منك .
- التشكيك في مشاعر الآخرين، يسعى أحدهم إلى صداقتك فتشعرين أنه يفعل ذلك بدافع العطف والشفقة وهذا يكثر بين المراهقات .
عدم قبول الذات يؤدي إلى شيئين في منتهى الخطورة :
- السلوكيات السلبية : نُعوّض عدم حب وتقدير الذات بسلوكيات إدمانية كإدمان مشاهدة التلفاز أو الأكل أو التسوّق أو غيرها، فعندما نفتقد إلى تقدير الذات وحبها، نشعر بأن هناك فجوة داخلية نحاول أن نعبئها بهذه السلوكيات السلبية .
- ضعف الشخصية -الخوف الاجتماعي أو الرهاب الاجتماعي : يتمنى الشخص أن يتكلم بالتجمعات لكن لا يستطيع؛ لأنه يشعر بالخوف الشديد والتردد وخفقان القلب وجفاف الحلق ورعشة الأطراف، وهذه الأعراض تزيد وتنقص من شخص إلى آخر .
كيف أصل إلى قبول الذات ؟
أتقبَّل نفسي كما هي، فأتوقف عن النقد واللوم والمقارنة، لأن العقل لا يبقيكِ حيث أنتِ، إما أن يأخذكِ إلى الأسوأ وإما إلى الأحسن، على حسب ما تركزين عليه، فتخيري ما تركزين عليه .
وبالطبع القبول بشيء لا يعني رغبتك فيه أو أنك تريدين استمراره، بل يعني التوقف عن منحه الاهتمام، وعدم مقاومته لأنه كلما تقاوميه يزيد، فمقاومة الشعور السلبي هي التي تجعله قويًا وأكبر من حجمه، فمثلاً عندما تقولين : لا أريد أن أشعر بالضعف هنا، أنت طلبتِ المزيد منه، كما يجب أن يكون قبولك لذاتك قبولاً مطلقاً بكل الحالات، وذلك يعطيك قوة ذاتية وأماناً دائماً يجعلك غير مهتمة بما يقوله الآخرون عنك لأنك تعرفين أن رأيهم فيك هو رأيهم فيك ولا يمثل حقيقتك، وعندها تتخلصين من كل هذه القيود الوهمية فتطمئن نفسك وتزيد قدرتك على الاستمتاع بحياتك .
من أعظم المبادئ على الإطلاق : يصبح المرء ما يفكر فيه معظم الوقت
“سارة” مراهقة تخاف المشاركة في مسابقات المدرسة، كانت تردد : “أنا خجولة ولا أستطيع التحدث أمام الجميع”. قررت تغيير حديثها الداخلي لـ“أتدرب وأتحسن كل يوم”، وبدأت تتدرب على الكلام أمام المرآة، ثم أمام عائلتها. تدريجياً، شاركت في إلقاء شعر بالفصل، ثم فازت بمسابقة الخطابة المدرسية. أفكارها الإيجابية حولتها من فتاة خائفة إلى متحدثة واثقة .
جيمس ألن عالم النفس الشهير يقول : ( دع الإنسان يغير اتجاه أفكاره، وسوف تمتلكه الدهشة لسرعة التحول الذي يُحدثه هذا التغيير في جوانب حياته المختلفة ).
فالأفكار تصبح معتقدات، والمعتقد يحرك الإنسان، ويُشكل قانون برنامجه اليومي والقانون العام لتعامله مع الحياة.. هذه الأفكار تلخص تفاعلنا مع الحياة بإحساس ( أستطيع) و (لا أستطيع ) ؛ لهذا دراسة أفكارنا ومعتقداتنا تساعدنا على فهم إشكالية الثقة عندنا، فالأفكار السلبية لا تبقى إلا إذا أمددناها بالتفكير المتواصل والحديث المستمر حول الأمور نفسها .
فمن أعظم المبادئ على الإطلاق : (يصير المرء ما يفكر بشأنه معظم الوقت) فنحن نفكر بأبعاد ثلاثة : فكل خاطرة ترد على فكرنا لها محتوى (فكرة) ومحتوى (صورة) ومحتوى (عاطفة) ، فعلى سبيل المثال : لو قلنا (سكين) فجميعكم سيتبادر إلى ذهنه صورة سكين ممكن كبير أو صغير ، لكن لا بد أن تظهر صورة السكين وهذا ما يفعله العقل الواعي، إخراج الصور لكل كلمة نقولها، ودور العقل اللاواعي التأكد من مطابقة جميع أفعالنا ومشاعرنا وسلوكياتنا مع هذه الصورة الذهنية، والصورة الذهنية لأنفسنا تُحدث نفس الشيء؛ ولهذا نقول : نحن نمشي وراء صورتنا الذاتية .
كلما اشتدت قوة اعتقادك وارتفعت العاطفة التي تضفيها إليه تعاظم تأثير هذا الاعتقاد على سلوكك وعلى كل شيء يحدث لك، فجيمس ألن يقول : (أنت اليوم حيث أوصلتك أفكارك، وستكون غدًا حيث تأخذك أفكارك)، فمتى ما سيطرنا على أفكارنا، ووجَّهنا تلك الأفكار نحو الاتجاه الصحيح؛ فسنلاحظ أن حياتنا ستصبح إيجابية).
خذيها قاعدة : أنت تتصرفين دائماً وأبدًا بالأسلوب الذي يتفق مع أقوى معتقداتك إذا اعتقدتِ أنك خجولة، فسوف تتصرفين كذلك، وإذا اعتقدتِ أنك غير محبوبة فسوف تتصرفين كذلك … إلخ.
هنري فورد : اعتقدي في قدرتكِ على إنجاز الأمور أو في عجزكِ عن إنجازها، وستكونين محقة في الحالتين ..
وتذكري لا يتطلب الاعتقاد أن يكون الشيء حقيقة فعلاً، ولكن كل ما يتطلبه هو الاعتقاد بأنه حقيقي من قِبلك، فالاعتقاد هو الأساس الذي تبنى عليه كل أفعالنا وردود أفعالنا وتفسيراتنا لما يحدث حولنا ولنا. لهذا تغيير المعتقدات وبالذات الذاتية من أهم خطوات التغيير وكسب الثقة .
أجمل عبارة : «أنت تستطيعين إذا اعتقدتِ أنك تستطيعين».
فيديو بعنوان ” الثقة في النفس “
وللحديث بقية :
في الجزء القادم من السلسلة سنتعرف على ..
ما علاقة حديثك وصوتك الداخلي بصورتك الذاتيه ؟
ماهي صفات صاحب النظرة الدونية ؟ وكيف يتخلص منها ؟
ما الذي يُضعف ثقتكِ ؟ (الأسباب الخفية)
كيف تبنيين ثقة لا تتزعزع وتقدير عالي للذات ؟ (خطوات عملية)
وسنركز على التمارين والمهام الملموسة والعملية
المراجع :
كتاب رحلة نحو الذات | للأخصائية النفسية : نوره الصفيري
فيديو للبنات وبس -الثقة في النفس

اترك تعليقاً