
………….قصص خيالية مستوحاة من عمق الواقع
المتلازمة الصامتة
أحيانًا لا يصرخ الجسد، بل يهمس…
بحبة تظهر فجأة، بدورة تتأخر، بثقلٍ لا نعرف مصدره، أو بنظرات الناس التي تسبق تساؤلاتنا .
في لحظة ما، يتغير الشكل، وتبدأ معركة صامتة لا تُرى… لكنها تُحس.هذه ليست مجرد قصة فتاة، بل قصة كثير من الفتيات..
حين لم يعد الجسد صامتًا، بدأت “سارة” رحلتها نحو الفهم، نحو التوازن…
فهل تهمسين أنتِ أيضًا ؟
تعالي نبدأ معًا ،،
في صباح يوم دراسي، وقبل الذهاب إلى المدرسة وقفت سارة أمام المرآة وهي تحاول إخفاء الحبوب التي ظهرت في وجهها فجأة. همست لنفسها : ما الذي يحدث لي ؟
لكن المشكلة لم تكن في الحبوب فقط، بل لاحظت أيضاً أن دورتها الشهرية تأتي متأخرة أحيانًا لشهرين، وأحيانًا لا تأتي إطلاقًا. حاولت أن تُقنع نفسها أن الأمر طبيعي، لكن القلق كان يزداد مع مرور الوقت .
وفي أثناء الحصة الدراسية، سمعت زميلاتها يتهامسن عن وزنها الذي زاد بسرعة، وعن الشعر الزائد في ذراعيها، شعرت سارة بالضيق والحرج منهن، ولم تعد تريد التحدث إليهن .
رجعت إلى بيتها باكية ولم تعد تريد الخروج من غرفتها في ذلك اليوم .
ولكنها قررت أن تسأل والدتها عما يحدث لها، فحكت لها عن كل ما تشعر به .
ابتسمت الأم وربتت على يدها قائلة :
“لا تقلقي يا سارة، سنذهب للطبيبة، وسوف نفهم ما يحدث لك .
وفي العيادة، وبعد الفحوصات، أخبرتها الطبيبة بهدوء :
سارة، لديكِ حالة تُسمى متلازمة تكيس المبايض، وهي شائعة جدًا بين الفتيات في سنك. لكن لا تخافي يمكننا السيطرة عليها معًا .
ثم شرحت لها أن السبب ليس ذنبها، بل يتعلق بهرمونات الجسم. وأنها تحتاج فقط لبعض التغييرات في حياتها، مثل ممارسة الرياضة، والاهتمام بالأكل الصحي، وربما تناول بعض الأدوية .
خرجت سارة من العيادة وهى تشعر بالحيرة والخوف رغم ما أخبرتها به الطبية. لكنها أرادت أن تتعرف علي هذا المرض، حتى تتمكن من الاعتناء بنفسها وتتفهم ما يمر به جسدها .
ذهبت سارة إلى غرفتها، وامسكت بهاتفها، تبحث عن مواضيع : “متلازمة تكيس المبايض” لتعرف ما الذي يحدث في جسدها بشكل واسع .
فظهر لها من موقع “مجتمع وردة” الذي تعودت أن تقرأ فيه مقالات عن الصحة والجمال والعناية .
مقالة لفتت نظرها عن : “متلازمة تكيس المبايض” ما الذي يحدث في جسدك ؟
ضغطت عليه بسرعة، لكن فجأة حدث شيء غريب، العنوان في الشاشة بدأ يتوهج، والكلمات صارت تلمع، وفجاة خرج من الهاتف شعاع من نور ، فظهرت أمامها فتاة جميلة ترتدي ثوبًا من ألوان الطيف المنبثق من شاشة الهاتف .
رحبت الفتاة الجميلة بسارة : مرحبًا بك يا سارة… أنا تيرا، حارسة أسرارك الداخلية .
يبدو أنكِ تريدين أن تفهمي جسدك وتبحثين عن ما يبدد حيرتك، فهل ترغبين أن تذهبي معي في رحلة سرية ؟
سارة، وقد أصابتها دهشة شديدة : رحلة ؟ إلى أين ؟
أشارت تيرا إلى صدر سارة وقالت لها : إلى عالمكِ الداخلي إلى قلبك، حيث يكمن السر الذي حيّرك .
لم تنتظر سارة أن تسأل أكثر ، حتى شعرت بنفسها تصغر، وتصغر ؛ لتجد نفسها تطفو في نهر شفاف مليء بالألوان، نهر الشرايين!
وقفت سارة على ضفة نهر الدم، والهرمونات تتحرك كنجوم صغيرة مضيئة .
قالت سارة بخوف : ما هذا المكان الغريب ؟
ابتسمت تيرا : هذا هو جسدكِ المتعب، واليوم سأريكِ لماذا تشعرين بهذا التعب .
أشارت بيدها، فظهرت أمامهما المبايض كحبتين لؤلؤيتين محاطتين بفقاعات صغيرة .

سألت سارة :
لماذا هذه المبايض بها هذه الفقاعات ؟
أجابت تيرا : هذه ليست فقاعات عادية، إنها البويضات التي لم تكتمل نضجها. في جسدكِ، الهرمونات تعمل مثل قائدة أوركسترا، وعندما يختل اللحن… يحدث الارتباك في كل فريق الهرمونات .
وفجأة ظهر أمامهما مخلوق صغير يرتدي درعًا فضيًا ويحمل في يده عصا، صرخ بصوت قوي :

أنا الأندروجين!
كنت صغيراً هادئًا في جسدك، حتى جاء الإنسولين الزائد وطلب مني أن أسيطر أكثر! فأصبحت أكبر وأقوى .
أُصيبت سارة بفزع شديد : وماذا يعني هذا ؟
تيرا وضعت يدها على كتفها : سارة .. هذا يعني أن مستوى الإنسولين في جسدك مرتفع قليلًا، وهذا ما جعله يطلب من الأندروجين أن يزداد ويكبر، وعندما يزداد ويقوى الأندروجين، يمنع البويضات من النضوج بشكل طبيعي، فتتوقف الإباضة، وتظهر الأعراض التي تشعرين بها والتي لاحظتها الأن .
لأن شكل المبيض المتكيس يختلف عن المبيض الطبيعي، ويمكن شرحه بصريًا ووصفه ببساطة :
إن شكل المبيض الطبيعي بيضاوي صغير بحجم حبة اللوز ، يحتوي على عدد محدود من البويضات (الحويصلات الصغيرة).
هذه الحويصلات تنمو واحدة منها كل شهر لتصبح بويضة ناضجة تخرج خلال التبويض.
شكل المبيض المتكيس يكون أكبر حجمًا من الطبيعي، ويحتوي على عدد كبير من الحويصلات الصغيرة غير الناضجة .
هذه الحويصلات تكون : صغيرة (2 إلى 9 ملم تقريبًا).مصطفّة على أطراف المبيض، بشكل يشبه عقد اللؤلؤ، المبيض لا يطلق بويضة بشكل منتظم، مما يسبب غياب التبويض أو اضطرابه .
سارة بصوت متردد : إذن هذا ليس خطئي ؟
تيرا بابتسامة مطمئنة : بكل تأكيد ،، ليس خطؤكِ. لكن يمكنكِ أن تكوني البطلة الأقوى في قصة حياتك، وعندما تحقيقي التوازن يمكن أن يتغير ويعود كل شئ لوضعه الطبيعي بخطوات بسيطة .
هنا بدأت الألوان تتلألأ حول سارة، بينما تيرا تقول لها :
مارسي الحركة والرياضة، ولابد أن تتناولي طعامًا صحيًا، وعليك أن تلتزمي بالدواء الذي وصفته لك الطبية،
ولابد أن تتحدثي مع طبيبتك إذا شعرت بشي غريب، لكن لا بد أن تكون البداية منكِ أنتي .
ثم فتحت تيرا لسارة بابًا يشعُ منه نور وقالت :
عندما تشعرين بالحزن، تذكري أن جسدكِ يحتاج الحب والاهتمام لا الغضب. والآن هيا بنا لنعود إلى الحياة الطبيعية بعدما عرفتي كل ما بحثتي عنه .
عادت سارة لغرفتها، والهاتف ما زال مفتوحًا على المقالة، لكنها الآن فهمت لم تعد ترى نفسها مريضة، بل قائدة لجسدها. فهو عرَض وسوف يزول .
أمسكت سارة بقلمها وكتبت في دفترها الوردي :

إلى كل فتاة تعاني مثلي، لا تــخــافــي .
إن متلازمة تكيس المبايض ليس مرض بل عرض، فهمك لجسدك بداية الحل، كوني بطلة في قصة حياتك واعتني بنفسك، ولا تنصتي لتنمر من حولك، واطلبي المساعدة عند الحاجة ممن تثقين بهم .
اترك تعليقاً