
………….قصص خيالية مستوحاة من عمق الواقع
حوريات الهرمونات في مملكة التغيير
لحظات التغيير ..
استفاقت سما صباحا وهي تشعر بشيء غير مألوف أصاب جسدها، إحساس لا تستطيع وصفه، غمرتها سحابة من الحزن دون سبب، ولا تعرف كيف تفسر هذه المشاعر التي تتزاحم في داخلها بشكل مفاجئ .
أرادت الذهاب إلى المدرسة، لكن خطواتها كانت ثقيلة، ولا تملك القدرة الجسدية، تملكها الشعور بالغضب، ثم تحول هذا الغضب إلى حزن عميق، دون أن تجد له مبرراً، تسأل نفسها لماذا أشعر بهذا الشعور ؟ ما الذي يحدث لي ؟
لم تكن تعرف أن هذه المشاعر جزء طبيعية، لكنها لم تتعلم كيف تفهمها.
وبينما كانت تجلس على سريرها، وهي تشعر بالضياع، ظهرت أمامها شخصية غريبة، لم ترها من قبل، شخصية غامضة وُلدت من أعماقها، صورة مشوشة، كأنها تعكس تلك التغيرات التي تشعر بها .
وبنبرة هادئة ومطمئنة : أهلا بك سما!! أنا تيرا، أنا هنا لكي أساعدك.
نظرت سما في هذه الشخصية وسألتها بحذر :
من أين أتيتِ ؟ وماذا تريدي مني الآن ؟
ابتسمت تيرا بلطف وأجابتها : أتيت من تغيراتك التي تمرين بها، لا يمكنكِ رؤيتي في كل وقت، لكنني موجودة دائمًا من أجلك، وكل شعور تحسين به الآن هو تغيرات هرمونية وهو جزء من مسار نموك، قد تكون مربكة في البداية، ولكنكِ سوف تتعلمين كيف تتعاملين معها .
سما (وقد بدأ حزنها يخف تدريجيًا) : لماذا أشعر بأنه لا يفهمني أحد ؟
ردت تيرا : أنتِ لستِ وحدك، جميع الفتيات يسرن بنفس التغيرات، ولكنهن قد لا يعرفن كيفية التعبير عنها أو التعامل معها، فهذا الغضب، والحزن، والقلق، كل ذلك بسبب الهرمونات التي تتغير في جسدك، لا تخافي، فهو جزء من رحلة البلوغ .
سما : هل هذا صحيح ؟
تيرا تمد يدها نحو سما : هاتي يديك،، فأنا هنا معك لنغوص معاً عبر هذا التغيير لتكوني أقوى، ستتعلمين أن فهم هذه التغيرات هو ما سيساعدكِ على تجاوز كل عقبة وحيرة .
وبينما كانت سما تنظر إلى تيرا ممسكة بيدها، شعرت بدفء غريب ومريح يسري في جسدها، كأن يدها التي أمسكت بيد تيرا لمست طاقة غير مرئية، فجأة، بدأت الغرفة من حولها تتغير، وكأن جدرانها قد تلاشت وتحولت إلى لون شفاف ناعم يشبه ضوء القمر .
وبينما هي كذلك سمعت سما أصواتاً تهمس، أصواتاً لم تسمع مثلها من قبل. نظرت سما حولها، وشعرت بأنها تطفو برفق في الهواء، كأنها تقف على نسيم رقيق، ورأت حولها أنواراً مضيئة مثل النجوم تتشكل وتتسع قليلاً قليلاً، حتى تحولت إلى بوابة كبيرة مضيئة، توجهت سما برفق نحو تلك البوابة، وكانت تيرا تمسك بيدها بشدة وهي تبتسم بثقة .
تيرا بصوت هادئ : لا تخافي، هذا هو المكان الذي سوف تكتشفين فيه أسرار جسدك، إنه عالم الحوريات الهرمونية، وستتعرفين على الحوريات المسؤولات على تطور نموك .
وقبل أن تستوعب سما ما يحدث، شعرت بخفة، وكأن جسدها تحول إلى موجة من النور، وسرعان ما وجدت نفسها تعبر البوابة، لتدخل عالمًا لم ترى مثله من قبل .
تحولت الغرفة إلى مملكة عجيبة، يكسوها اللون الأزرق حيث غاصت في بحيرة سحرية صغيرة، يصدر منها بريق لامع، فشاهدت سما أمامها حوريات صغيرات بأجنحة شفافة يطرن حولها، تشع الواحد منهن ضوءً خافتاً، عليهن ثيابٌ رقيقة، يصدرن أصواتاً مثل زقزقة العصافير .
سما وهي تنظر بدهشة : أين أنا ؟
ابتسمت تيرا وهي تشير بإصبعها : مرحبا بكِ في مملكة الحوريات الهرمونية، حيث تبدأ رحلتكِ لفهم التغيرات التي تمرين بها،
هنا يا سما..ستلتقين بحوريات هرموناتك التي تُحدث التغيرات في جسدك، وستتعلمين كيف يعملن معًا لمساعدتكِ على النمو .
شعرت -سما- بحماس لأنها ستجد أخيراً إجابات عن كل ما يحيرها .
إنهن “الحوريات الهرمونية” وتنافسهن في مملكة التغيير لكل الفتيات .
تيرا : سما! تلك “الحوريات الهرمونية” يعشن في مملكة جسدك، وهن قويات يعملن على تنظيم كل شيء، ولكن!!! في مرحلة البلوغ، تبدأ الأمور بالتغير بطريقة غريبة، الحوريات لم يعدن يتفقن على كل شيء، بل بدأ التنافس بينهن، وأحيانًا تحدث مشكلات فيما بينهن تؤدي إلى بعض الفوضى، والخلل الذي يربك جسدك .
والآن سوف أعرفك عليهن ..
انظري إلى الحورية (الغيورة ) هرمون الاستروجين : التي عادةً ما تجعل جسدكِ ينمو ويزدهر، لكنها الآن أصبحت تشعر بالغيرة من الحورية (المنسقة) هرمون البروجستيرون : المنسقة التي تحاول أن تُظهر قوتها في تنظيم الدورة الشهرية .
فهذا التنافس بينهن سبب لك هذا التذبذب في مزاجك، في حين قد تشعرين بالسعادة أحيانًا، وفي حين آخر تندمين على بعض التصرفات وتهورك في أخذ بعض القرارات .
وهناك الحورية ( المتسرعة ) هرمون التستوستيرون : المتسرعة التي عادة ما تُعطيكِ الطاقة والقوة، أصبحت أكثر اندفاع عن المعتاد، فتبدأ في إرسال إشارات متسرعة إلى جسدك، مما يجعل طاقتكِ تتذبذب بين الغضب والنشاط .
وهناك الحورية (المتزنة) هرمون الإنسولين : وهي المسؤولة عن توازن الطاقة في جسدك .
سما : المتزنة !! ماذا تقصدي بتوازن الطاقة ؟
تيرا : الحورية (المتزنة) لأنها دائماً في منافسة مستمرة مع الحورية المتسرعة .
والحورية (المتوترة) هرمون الكورتيزول : التي تثير عندك مشاعر التوتر والضغط، ما يؤدي إلى زيادة شعوركِ بالتعب أو الجوع المفاجئ في بعض الأوقات .
سما في ذهول أشارت بيدها : وهذه الحورية من تكون ؟
تيرا : إنها الحورية (الحساسة) هرمون البرولاكتين، وهي المسؤولة عن التغيرات في الثدي، فهي تشعر بضغط من الحوريات الأخريات، ما يجعلها تُرسل لجسدك إشارات عشوائية، مما يجعلكِ تشعرين بالحساسية أو الألم .
عندما رأت سما كل تلك التحديات والتنافس بين الهرمونات، شعرت بالفوضى داخل جسدها، وشعرت بالقلق وهمست،، ما الذي يحدث لي ؟
تيرا تراقب كل ما يحصل بعناية، ولتطمئن سما .
قررت التحدث معهم بصوت شديد وحازم : أيتها الحورياتِ العزيزات، أنتن جميعاً جزء من عملية نمو سما أليس كذلك!؟ لكن عندما تتنافسن وتتحدين بعضكن البعض، تصبح الأمور عشوائية ومتعبة ويؤثر ذلك على جسد فتاتنا الصغيرة سما، فتتعرض لتلك المشاعر المتعبة والمبهمة، وتختلط عليها الأمور .
أرجو منكن أن تتعاونوا وتعملوا معًا لتوجيهها برفق، فكل واحدة منكن لها دور مهم لابد لها أن تعمل جاهدة لإنجازه .
تفهمت “الحوريات الهرمونية ” حديث تيرا! فعادت كل واحدة منهن إلى عملها وبتنظيم ما هو مطلوب منها واتفقن على العمل معاً؛ لتتجاوز سما تلك المرحلة،
وقد وضحن لتيرا أن العمل على التوازن بينهم يحتاج إلى فترات طويلة من العمل المستمر حتى تتناغم “كل الحوريات الهرمونية ” ويعدن إلى توازنهن، وهذا الصراع سوف يستمر لفترات طويلة وفي أوقات متفرقة حتى تصل سما إلى نضجها الكامل .
سمعت سما حديث “الحوريات الهرمونية ” وتعلمت أن التغيرات الهرمونية التي تمر بها هي نتيجة للتنافس أو التوتر بين “الحوريات الهرمونية ” وأن هذه التغيرات ليست شرًا ولكنها جزء من عملية النمو الطبيعية، وهو أمر طبيعي جداً لكي تنمو، كما أن ظهور تيرا ساعدها على الفهم ..
” إن التوازن بين هذه التغيرات يمكن أن يعود لطبيعته عندما تعمل كل الحوريات معًا بشكل متناغم”
اختفت تيرا، تاركة سما مع شعورها بالاطمئنان، والراحة، لم تكن تعرف كل شيء بعد، لكنها بدأت تشعر بأنها تستطيع التكيف مع التغيرات، وتعلمت أن ما يحدث في جسدها أمراً طبيعي، وظهور تيرا في تلك اللحظات جعلها تعرف أن كل شيء يمكن أن يُفهم مع مرور الوقت .
اترك تعليقاً