هل تساءلتِ يوماً لماذا تتفوق صديقتكِ في الرياضيات بينما أنتِ تتألقين في كتابة القصص ؟ هل شعرتِ يوماً بأن طريقة تفكيرك أو تعلّمك تختلف جذرياً عن صديقاتك ؟ ربما تتفوقين بسهولة في مجال معين، بينما تجدين صعوبة بالغة في مجال آخر . وربما تكونين قد تساءلتِ : “هل أنا ذكية بما فيه الكفاية ؟”
الجواب بسيط وقاطع :نعم،أنتِ ذكية جداً!
هل الذكاء الواحد خرافة ؟
لطالما ارتبط مفهوم الذكاء في أذهاننا بالدرجات الدراسية والقدرة على حل المسائل الرياضية المعقدة أو حفظ المعلومات. هذا المفهوم الضيق هو ما يحاول مقالنا اليوم تغييره . استنادًا إلى نظرية الذكاءات المتعددة لعالم النفس “هوارد جاردنر”، فالحقيقة هي أن الذكاء ليس نوعًا واحدًا، بل هو مزيج فريد من أنواع متعددة تملكينها جميعًا بدرجات متفاوتة . وغالبًا تكمن قوتنا في نوع أو أكثر منها نتفوق به على الآخرين، اكتشاف هذا النوع المميز واستثماره هو مفتاحك لتحقيق الإنجازات الكبرى في حياتك العلمية والعملية .
فلنبدأ رحلتنا في التعرف على أنواع الذكاءات الثمانية، وكيف يمكنك اكتشاف نوع ذكائك المميز .
ماهو الذكاء؟
الذكاء هو ببساطة قدرتك على فهم البيئة والتكيف معها وحل مشكلاتها باستخدام مجموعة من القدرات الموروثة والمتعلمة من التجارب. إنه ليس كمية ثابتة، بل قوة قابلة للنمو والتشكيل .
هل أنتِ مستعدة لبدء هذه الرحلة لاكتشاف نقاط قوتك الحقيقية ؟
الأنواع الثمانية للذكاء : أين تكمن قوتك ؟
لتحددي أين تقع قوتك، استعرضي معنا هذه الأنواع الثمانية. وفكري في الأنشطة التي تجلب لكِ المتعة والإنجاز دون عناء :
| نوع الذكاء | هل هذه أنتِ؟ (علامات القوة) | مسارات القوة (المهن والمجالات المحتملة) |
| 1. الذكاء اللغوي (ملكة الكلمات) | إذا كنتِ تحبين القراءة، تكتبين القصائد أو الخواطر ، تجدين متعة في المناقشات والحوارات، وتستطيعين إقناع الآخرين أو سرد القصص بطلاقة . | أنتِ الكاتبة، الشاعرة، المحامية، الصحفية المستقبلية . |
| 2. الذكاء المنطقي-الرياضي (ملكة المنطق والأرقام) | هل أنتِ صاحبة هذا الذكاء ؟ إذا كنتِ تستمتعين بحل المسائل الرياضية والألغاز المنطقية، تبحثين عن الأنماط والعلاقات بين الأشياء، وتميلين إلى التفكير بطريقة تحليلية خطوة بخطوة . | أنتِ العالمة، مبرمجة الكمبيوتر ، المهندسة، عالمة الاقتصاد، المحاسبة . |
| 3. الذكاء البصري-المكاني (ملكة الخيال والصور) | إذا كنتِ تحبين الرسم، التصميم، أو أحلام اليقظة بتفاصيل غنية. تستطيعين تذكر الأماكن والوجوه بسهولة، وتفضلين التفكير بالصور والخرائط الذهنية . | أنتِ المصممة، المهندسة المعمارية، المخرجة السينمائية، الفنانة التشكيلية، المصورة . |
| 4. الذكاء الحركي-الجسدي (ملكة الحركة والإحساس) | إذا كنتِ تجيدين استخدام الجسم بمهارة، التعبير الجسدي، وعندك تناسق عالي، الرياضة، أو استخدام يديكِ في الحرف اليدوية والتمثيل. تتعلمين بشكل أفضل عندما تتحركين وتلمسين الأشياء . | أنتِ تستخدمي يديك في الحرف اليدويه والتمثيل، رياضية ماهرة، جراحة ماهرة، نحاتة، صانعة المجوهرات. |
| 5. الذكاء الاجتماعي (ملكة العلاقات) | إذا كنتِ تتفهمين مشاعر الآخرين بسهولة، تجيدين العمل ضمن فريق، ولديكِ قدرة طبيعية على قيادة المجموعات أو حل النزاعات بين الأصدقاء . | أنتِ المعلمة، الطبيبة النفسية، المديرة، المرشدة الطلابية، مسئولة العلاقات العامة والخدمة الاجتماعية، إدارية. |
| 6. الذكاء الذاتي (ملكة معرفة الذات) | إذا كنتِ شخصية تأملية، تدركين مشاعرك ودوافعك بقوة، تفضلين قضاء وقت بمفردك للتفكير ، ولديكِ حدس قوي وأهداف شخصية واضحة . | أنتِ الفيلسوفة، كاتبة السير الذاتية، الباحثة، أخصائية نفسية، شاعرة . |
| 7. الذكاء الطبيعي (ملكة الطبيعة) | إذا كنتِ تحبين النباتات، الحيوانات، التخييم في الهواء الطلق، وملاحظة الفروق الدقيقة في البيئة من حولك، تشعرين بارتباط عميق بالعالم الطبيعي . | أنتِ عالمة الأحياء، الجيولوجية، المزارعة، في حماية البيئة، طبيبة بيطريه، مستكشفة، متخصصة في الأعشاب . |
| 8. الذكاء الإيقاعي (ملكة الصوت والإيقاع) | إذا كنتِ عندك قدرة على تمييز الأصوات، التناسق الصوتي، حفظ الألحان والقوافي بسرعة، تقليد الأصوات . والذي يتميز بهذا النوع من الذكاء يحب الاستماع للأناشيد، تقليد الصوت، ينشد بإتقان ويدندن، يحرك أصابعه وأقدامه للإيقاع، يتعلم بالإيقاع . | أنتِ مهندسة صوت، وتجويد القرآن، التلحين والإنشاد وكاتبة الشعر . |
(قصة قصيرة ) كيف اكتشفت نوره سرّ قوتها وغيّرت حياتها ؟
لطالما شعرت نورة بالإحباط، لم تكن متفوقة في الرياضيات، ولم تكن لديها موهبة في الرسم أو الرياضة مثل صديقاتها، وكانت تظن أنها ليست ذكية. لكن نورة كانت تملك قوة نادرة : الذكاء الاجتماعي والذكاء اللغوي .
نورة كانت تراقب وتستمع جيدًا، وتحلل نبرة الصوت، وتقرأ لغة الجسد، وتفهم المشاعر والدوافع الخفية للآخرين ببراعة غير عادية (ذكاء اجتماعي) .
في يوم من الأيام، اندلع خلاف حاد في الفصل. ساد الصراخ، لكن نورة تدخلت. لم تخاطبهم بالمنطق الجاف، بل اختارت كلماتها كالجواهر (ذكاء لغوي). تحدثت بهدوء، مستخدمة عبارات دقيقة لكنها لامست قلب كل طرف، وصلت إلى الدوافع الحقيقية لكل طرف، وشرحت دوافعهم لبعضهم البعض بأسلوب مقنع ومؤثر . استطاعت أن تحول الشجار إلى تفاهم متبادل .
في تلك اللحظة، أدركت نورة أن قوتها الحقيقية ليست في حل المسائل الرياضية، بل في فهم البشر وقيادتهم عبر قوة الكلمة. قررت التخصص في علم النفس والإرشاد .
اليوم، نورة مستشارة وقائدة رائدة، تستخدم قدرتها الفائقة على فهم مشاعر الآخرين (الذكاء الاجتماعي) ومهارتها في صياغة رسائل عميقة ومؤثرة (الذكاء اللغوي) لتقود المئات نحو حياة أفضل .
الدرس : لم تكن نورة ضعيفة، بل كانت قوتها في مكان مختلف تماماً، وعندما اكتشفته، تحولت من طالبة مُحبطة إلى قائدة عظيمة. مهمتكِ الآن هي اكتشاف “نورة” التي بداخلك!
لهذا، تحديد نوع ذكائكِ مهم لأنه . .
- يوجه مسيرتكِ : يختار لكِ التخصصات والمواد الدراسية التي تتناغم مع قدراتك .
- يعزز ثقتك : يجعلكِ تدركين أنكِ لستِ “فاشلة” في شيء، بل أن قوتك تكمن في مجال آخر .
- يصقل مهاراتك : يركز جهدك على تعزيز المهارات التي تتفوقين فيها بالفعل .
تذكّري : أن كل فتاة تمتلك مزيجًا فريدًا من هذه الذكاءات، تتراوح بين القوة والضعف. ونوع الذكاء الذي يميز كل فتاه يعد نقطة قوه تشكل شخصيتها، ويحدد ميولها واهتماماتها، ويؤثر على مستقبلها إذا ما انتبهت له وعملت على تطويره ورعايته .
قد تكونين مثل “سارة” ماهرة في التعبير عن أفكارها ومشاعرها من خلال الكلمات، سواء في كتابة القصص، أو الشعر، أو المقالات، مما يعكس ذكائها اللغوي المرتفع. كما أنها تتمتع بحس فني وجمالي، وتبرع في الرسم، والتصميم، وتنسيق الألوان، مما يدل على ذكائها البصري (المكاني). ومع ذلك، قد تواجه صعوبة في فهم مشاعر الآخرين والتواصل الاجتماعي، مما يدل على ضعفها في (الذكاء الاجتماعي).
بينما تتمتع “لمى” بوعي ذاتي عالٍ، وتعرف نقاط قوتها وضعفها، وتحديد أهدافها وطموحاتها، مما يدل على ذكائها الذاتي (الشخصي).
أما “يارا” فعندها اهتمام شديد بالطبيعة والبيئة، مع حرصها الشديد على حمايتها، وفهمها العميق للعلاقات بين الكائنات الحية، مما يدل على ذكائها الطبيعي (البيئي).
خطورة التقليد في المسار المهني
هنا تكمن النقطة الأهم : لا تقلدّي صديقاتك عند اختيار تخصصكِ الجامعي أو مهنتكِ المستقبلية. ما يناسب صديقتك قد لا يناسبكِ أنتِ. مسار حياتكِ المهنية يجب أن يكون انعكاسًا لقوتك الداخلية، وليس نسخة من قوة شخص آخر . اكتشفي نقاط قوتك الحقيقية، ثقي بها، ودعيها هي التي توجهك نحو مستقبل يناسب تفردك وتألقك وشقي طريقكِ الخاص الذي يجعلكِ سعيدة وناجحة .
والآن وقد عرفتِ الأنواع . .
كيف تحددين الذكاء الأقوى لديكِ !؟
- الملاحظة الذاتية : فكري بصدق: ما هي الأنشطة التي تذهبين إليها بشغف؟ ما هي المهارات التي تبرعين فيها بشكل فطري وتستمتعين بها ؟
- استشارة الآخرين : اسألي صديقاتكِ المقربات، أو معلمتك، أو عائلتك : “في رأيكم، ما هي أكبر نقاط قوتي أو المهارة التي أتميز بها ؟” غالبًا ما يرى الآخرون نقاط قوتك بشكل أوضح .
- الاختبارات الموثوقة : إجراء اختبار يقيس الذكاءات المتعددة سيمنحكِ تقييماً رقمياً ممتازاً . ويمكنكِ استخدام هذا الرابط لإجراء اختبار موثوق يوضح لكِ نسبة كل نوع من أنواع الذكاء لديكِ رابط اختبار اكتشاف نوع الذكاء .
تذكري دائماً : الذكاء ليس ثابتاً، بل يمكن أن ينمو ويتطور مع التجارب والتعلم المستمر . انطلقي واكتشفي إمكانياتك غير المحدودة!
ما هي الذكاءات التي تشعرين أنها الأقوى لديكِ بعد قراءة المقال وإجراء الاختبار ؟ شاركينا رأيك!
المراجع :
أطر العقل نظرية الذكاءات المتعددة | هوارد جاردنر .
كتاب أصول علم النفس | د.أحمد عزت راجح .
اترك تعليقاً