
………….قصص خيالية مستوحاة من عمق الواقع
رحلة في أرض المزاج المتقلب
في إحدى الليالي، جلست ليان في حديقة منزلهم تحت ضوء القمر، تضع كمادتها الحنونة على بطنها من شدة الألم. وهي تشعر بضيق لا تعرف له سببًا واضح .
تقلبات مزاجية غريبة، شهية ترتفع ثم تنخفض، شعور بخمول وكسل ثم نشاط مفاجئ، وشعورها بصراع لا يتوقف في داخلها .
تمتمت بتضجر وضيق ،،، لماذا أشعر وكأن العالم كله ضدي ؟
لماذا لا أستطيع مقاومة رغبتي في تناول الشوكولاتة ؟
وفي تلك اللحظة،، سقطت على خدها دمعة، فظهر لها ضوء مائي ناعم من خلال تلك الدمعة، فسمعت صوت حنون يهمس لها، رفعت ليان رأسها فرأت أمامها فتاة براقة الملامح، ترتدي فستانًا يشبه السحاب، وعلى كتفها شعرها الذهبي كشعاع الشمس .
ليان بتعجب وفضول : من أنتي ؟
ردت الفتاة البراقة ذات الملامح الدافئة بصوت كصوت أُمّ مطمئن :

أنا تيرا .. أتيت لأصحبك في رحلة إلى
“أرض المزاج المتقلب”
اتسعت عينا ليان بدهشة : أرض!! أرض ماذا ؟
ضحكت تيرا بلطف : نعم هي أرض من الخيال سوف تعكس لك ما يحدث داخلك من تغيّرات وتقلبات مزاجية، تحصل لكِ في كل مرحلة من مراحل دورتك الشهرية الأربعة التي تمرين بها .
تعالي معي لأشرح لك ذلك، هناك الكثير مما يجب عليك أن تتعلمينه، وسوف تتعرفين على فهم ما يحدث بداخلك، وبكل ما تمرين به من تقلبات مزاجية، وكيف أن الطعام له تأثير مباشر على دورتك الشهرية .
جلست تيرا بجوار ليان، ومدّت يدها نحوها، وما إن مست تيرا يد ليان حتى بدأت الرحلة .
وفجأة، ظهرت أمام ليان خريطةٌ سحريةٌ تنقسم إلى أربع مراحل .
في وادي النشاط ( أيام التألق )
دخلت ليان مع تيرا عبر بوابة ضوئية، لتجد نفسها في مكان مدهش الأشجار تتمايل بخفة، الطيور تغني بحيوية، والهواء نقي ومنعش، كل شئ ينبض بالحياة .
قالت تيرا بابتسامة : مرحبًا بكِ في وادي النشاط
هنا تبدأ المرحلة الأولى : مرحلة التبويض “في وادي النشاط والتألق” .
نظرت ليان مندهشة : هل هذه الحيوية بسبب التبويض ؟
أومأت تيرا : نعم! في هذه الأيام، يرتفع هرمون الإستروجين (هرمون النمو)، يشعر فيها جسدكِ بالنشاط والجاذبية والطاقة العالية، ويحتاج لغذاء خاص .
أشارت تيرا بيدها نحو الأعلى فظهر أمامها بساط سحري زاهي الألوان، عليه فواكه لامعة، خضروات خضراء، وأطباق شهية .

أشارت تيرا بيدها نحو الأعلى فظهر أمامها بساط سحري زاهي الألوان، عليه فواكه لامعة، خضروات خضراء، وأطباق شهية .
هيا يا ليان، جربي التوت والحمضيات، فهي تدعم بشرتك ومناعتك، ولا تنسي السبانخ والجرجير لتوازن الهرمونات، والبيض والمكسرات تدعمك بالطاقة التي يحتاجه جسمك، ولاتنسي الماء فهو السحر الخفي، فظهر أمامها ماء فوار كأنه يُصب من سحاب السماء .
ضحكت ليان وهي تتذوق قطعة توت : فعلاً!!! أشعر بأنني أقوى .
قالت تيرا بلطف : ليان استمتعي بهذه المرحلة، فهي قصيرة، لكن علينا أن نستعد لمرحلة جديدة .
وما إن أنهت جملتها ،، حتى بدأت أجواء الوادي تتبدل، والهواء يهدأ، وتغيّرت تضاريسه تدريجياً، فصار أكثر هدوءاً وغموضاً .
المرحلة الثانية : في غابة التوتر ( القلق والانتفاخ )
وفي لحظات ودون مقدمات، تغيّر كل شيء من حول ليان، انطفأت ألوان وادي النشاط تدريجيًا، ووجدت نفسها تسير مع تيرا وسط أشجار متشابكة، أمتلأ الوادي بضباب رمادي خفيف لكنه مقلق، خيم السكون على أجواء الوادي، لا يُسمع فيه إلا صوت أنفاسها… إنها الآن في وسط “غابة التوتر” .
همست ليان بقلق : ما هذا المكان الغريب، أشعر بثقل في صدري، وضيق غريب لا استطيع وصفه .
ردّت تيرا : لا تقلقي فهذه مرحلة ما بعد التبويض، بين اليوم 17 إلى 22 تقريبًا. هنا يرتفع هرمون البروجسترون، ويبدأ جسدك بالاستعداد لما قد يحدث له من تغيرات، فقد تشعرين بالقلق، والانتفاخ، وتقلّب المزاج .
وضباب القلق الذي تشعرين به هو انعكاس لكل هذه التغيّرات .
اقتربت تيرا من شجرة ضخمة، مدّت يدها فانبثقت من أغصانها سلال صغيرة تَإن بصوت خافت تحمل في داخلها أطعمة مضيئة ومُهدئة .

قالت تيرا وهي تقدم لليان قطعة شوكولاتة داكنة : جربي هذه، فهي غنية بالمغنيسيوم، ستساعدكِ على تبديد ضباب القلق، ومعها الموز واللوز، فهما صديقا التوازن .
ثم أشارت إلى وعاء خشبي يمتلئ بالشوفان وحبوب صغيرة فقالت : إن الألياف تُقلل الانتفاخ، فجربي الشوفان والبقوليات، ولاتنسي الدهون الصحية كزيت الزيتون والأفوكادو، إنها تُعيد الانسجام لجسدك من الداخل .
تنهدت ليان بارتياح وهي تتذوق الموز واللوز معًا، فشعرت بالدفء يسري في جسدها .
قالت وهي تلتفت إلى تيرا : أشعر بتحسن، كأن هذا المكان يفهمني ولا يريد يتعبني .
ابتسمت تيرا وربتت على كتفها : كل مرحلة لها ترنيمتها ولحنها الخاص بها… فقط استمعي إلى نغماتها جيدًا .
تيرا : والآن، يا ليان هيا بنا لندخل إلى مرحلة جديدة .
فجأة، اهتزت الأرض قليلًا تحت أقدامهما، وتحول ضباب القلق إلى دوامة من السكر والملح والعواطف المتفجرة، فدخلتا معًا إلى مرحلة جديدة!
المرحلة الثالثة : في سوق المشاعر السكرية ( ما قبل الدورة )
هبطت ليان في وسط دوّامة ملونة، أرضٍ مغطاة بالسكر، يحيط بها أصوات ضحكات مرتفعة، موسيقى صاخبة، وعربات مليئة بالشوكولاتة، المعجنات، ورقائق البطاطس، فتيات ينتقلن من عربة إلى آخرى وكأنهم في سباق لاكتساب أكبر قدر من “الراحة المؤقتة” .
قالت ليان بدهشة : أين أنا ؟!

أجابت تيرا : هذه المرحلة الثالثة يا ليان مرحلة ما قبل الدورة، من اليوم 23 إلى 28 تقريبًا. هنا يزداد التوتر، تقلّصات خفيفة، ورغبة جامحة في السكريات والملح، لذلك أنت الآن في سوق المشاعر السكرية، والرغبة في تناول الحلو .
اقتربت تيرا من أحد الأكشاك، التقطت قطعة من الجبن وقدّمتها لليان .
ليان! جربي الكالسيوم، فالزبادي والجبن يخففان التقلصات .
ثم أشارت إلى لافتة مكتوب عليها “ممنوع تناول الكافيين والملح الزائد!”
الكافين والملح يزيدان الانتفاخ والتوتر ، لذلك اختاري ما يناسبك من الطعام الذي يمدك بالبروتين الخفيف بدلًا من الوجبات السريعة، مثل السمك أو الدجاج يا عزيزتي .
ليان نظرت حولها، وقد بدأ عليها أنها فهمت : إذن!! الرغبة الشديدة التي أشعر بها ليست ضعف مني ؟
ردّت تيرا بابتسامة دافئة : أبدًا! إنها إشارات من جسدك، وكل إشارة لها رد مناسب .
ثم أضاء المكان كله فجأة، وبدأت سحب وردية تنهمر من سماء الوادي، مع نسائم باردة تدعو للراحة، والهدوء، والنهاية .
قالت تيرا : هيابنا يا ليان لننتقل إلى أخر مرحلة “كهف الاستنزاف“
المرحلة الرابعة : في كهف الاستنزاف ( النبض الدافئ )
هل أنتِ مستعدة للمرحلة الأخيرة ؟
ليان : بكل تأكيد، هيا بنا .

عبرت ليان وتيرا عبر ممر طويل يحيط به سحب خفيفة، حتى وصلتا إلى كهف كبير، جدرانه وردية مائلة إلى الرمادي، يصدر منه صوت قطرات الماء وتنفس بطيء من جدرانه، وفيه تختبئ السحابة الوردية ( الرحم ) فهو المكان الذي يعكس التعب الذي تشعر به ليان، لكنه أيضًا يملك جمالًا خفيًا .
ليان بتعجب : وما كهف الاستنزاف ؟
قالت تيرا بصوت هادئ : الكهف هو جهازك التناسلي وفيه تحدث المرحلة الأخيرة من الدورة الشهرية، وهي مرحلة النزف الذي تشعر فيها الفتاة بالتعب، والانهاك، وتحتاج للاحتواء والراحة، وهو يعكس ما تعانيه الفتاة من استنزاف طاقتها الجسدية والعاطفية، وارتفاع في درجة حرارتها في بعض الأحيان .
وفي مرحلة كهف الاستنزاف يتم خروج “النبض الدافئ” ( دم الحيض ) والذي يبدأ من اليوم 1 إلى 5، وفي هذه الأيام، يخسر جسمك الحديد، مما يؤدي إلى إنخفاض في طاقتك وحيويتك بشكل واضح؛ لذلك تشعرين بالتعب، وأحيانًا بالحزن أو الخمول.
أشعلت تيرا مصباحًا صغيرًا، وصفقت بيديها الساحرتين، فظهرت طاولة فيها عدس مطبوخ، سبانخ، كبدة، وموز .
ليان أنت الآن تحتاجي إلى تناول الحديد لتعويض ذلك النقص، والبوتاسيوم لتخفيف التشنجات، وإلى تناول المشروبات الدافئة، مثل الزنجبيل والنعناع، واليانسون، فهو يُهدّئ التقلصات التي تشعرين بها وسوف تشعرين بالراحة في مرحلة ” كهف الاستنزاف” خروج النبض الدافئ .
ليان جلست تتأمل جميع الأطعمة، شعرت بأن جسدها بالفعل يحتاج لهذا الاهتمام .
وسألت تيرا بصوت منخفض : هل سأواجه هذه المشاعر والتغيرات كل شهر ؟
قالت تيرا : نعم، لكنك الآن تملكين خريطة ذهنية لها، فكل مرحلة تعرفينها، وتفهمينها، ويمكنك التعامل معها بمحبة لا بصراع وقلق وتوتر .
وقبل أن تودّعها، مدّت تيرا يدها، وقدّمت لها زهرة متفتحة، هذه زهرتك، ( زهرة التوازن والتغذية)، اعتني بها، مثلما تعتنين بنفسك .
أغمضت ليان عينيها وحين فتحتهما، وجدت نفسها في غرفتها، نفس الضوء الخافت، نفس الوسادة،، لكنها شعرت بشئ مختلف، لقد تغيرت روحها،
ابتسمت حين رأت في يدها (زهرة التوازن والتغذية )، لأنها أصبحت الآن أكثر فهماً ووعياً .
اترك تعليقاً