
………….قصص خيالية مستوحاة من عمق الواقع
صوت من داخلي أيقظني
مع تجربة سينمائية خيالية، وبالتحديد في “قاعة السينما الداخلية”، سيعرض اليوم فيلماً بمشاهد مستخرجة من عقل جمانة وقلبها، سيكون كل مشهد منه، إزاحة لجزء من داخلها المظلم، ماضيها المحزن، مخاوفها المؤلمة، أو حتى أحلامها المؤجلة .
لكن جمانة الفتاة ذات الرابعة عشر، هي من ستقوم بتمثيل تلك اللحظات، ليس لتتألم، بل لتضيء ما كان غامضًا في داخلها، وتبني ثقتها المفقودة بصدقها وشجاعتها. جمانة لم تكن فتاة خجولة فحسب، بل لم تكن تثق بنفسها أبدا .
تخاف أن تُعبّر عن رأيها، تخجل من النظر إلى عيون الآخرين، وتعتذر كثيرًا حتى لو لم تكن مخطئة، تُجامل كثيرًا، ولا تُجيد التعبير عن نفسها .
في أعماقها، كانت تتمنى أن ترى النسخة الأقوى منها، نسخة لا تختبئ خلف ظلالها ولا تخشى من أحد .
وفي ليلة باردة كبرود مشاعرها، كانت تكتب في دفترها ، ليس لأنها تحب الكتابة، بل لتجد متنفساً لما كان يختبئ بداخلها، وما يؤلم قلبها ويخالج مشاعرها .
فكتبت : أتمنى لو كنت شخصًا مختلفًا، قويًا، واثقًا، سعيدًا، ليتني – كنت شجاعة،
ليتني – أحب نفسي كما أحب الآخرين،
ليتني- أعرف كيف أساعد نفسي
وفي برهة من الزمان … حدث لها ما لم يكن في الحسبان، وقعت ورقة سحرية من دفترها القديم، واختبأت تحت سريرها، لم تكن تعرف أن تلك الورقة كانت تذكرة ناطقة .
تذكرة دخول إلى “قاعة سينما الذات ”، حيث ستُعرض حياتها، لا كما يراها الآخرون، بل كما تراها هي .
وفجأة، انطفأت الأنوار في غرفتها، وظهر ضوء ناعم يتسرّب من تحت سريرها، فسمعت همسًا خافتًا ينبعث من خلال حروف تلك الورقة، لم تتخيل جمانة أن – تيرا – الحارسة الخفية لعالم الفتيات، قد قرأت أمنيتها وأتت لمساعدتها .
فتحت جمانة نافذة غرفتها ببطء، لتتفاجأ بصوت غريب يهمس لها، وكأن الحروف تنطق :
جمانة! لقد تأخرتِ على الفيلم الذي سنعرضه الليلة. إنه عرض خاص لك هيّا أسرعي !.

رفعت عينيها، فرأت أنوارًا مشرقة تتدلّى من الأعلى، تتشكل منها حروف مضيئة بألوان ساحرة، تتحرك برفق نحو بوابة كبيرة وواسعة، وكأنها تفتح الطريق أمامها .
وفي وسط هذا المشهد العجيب، بدأت الألوان تتماوج حتى تشكلت منها هيئة مألوفة
إنها تيرا، واقفة بهدوئها ورقتها، تبتسم لجمانة بلطف .
لم تتخيل جمانة أن – تيرا – الحارسة الخفية لعالم الفتيات قد قرأت أمنيتها وأتت لمساعدتها .
تجمدت جمانة في مكانها، مذهولة مما ترى، وقلبها يخفق بين الدهشة والخوف، هل هذا حلم ؟ أم أنها بالفعل على وشك دخول عالم لم تعرفه من قبل .
ربتت تيرا عليها لتهدئتها، وأخبرتها أنها حضرت من أجل مساعدتها .
سَرَّ ذلك قلب جمانة، وشعرت بالفرح لظهور تيرا .
تيرا : هل تريدين بالفعل إعادة بناء ثقتكِ التي ظننت إنك فقدتها ؟
هل تجرؤين على رؤية الحقيقة ؟
هيا تعالي معي الآن، سيبدأ فيلمك حالاً .

مقدمة الفيلم : الدعوة الغامضة ..
وفجأة، تغير كل شيء. بدأت غرفتها تتلاشى، كأنها تذوب في الهواء، وظهر أمامها من خلال البوابة ممر طويل، على جدرانه شاشات تعرض عليه مشاهد ضبابية مشوشة مستوحاه من أفكار حياتها .
وفي نهاية الممر شاهدت لوحة براقة كُتب عليها : (قاعة السينما الداخلية)
دخلت جمانة قاعة تشبه قاعة المرايا، لكنها لم ترى صورتها، فجلست على كرسي كبير، قد أُعد من أجلها، مكتوب عليه اسمها، وهو مخصص للشخصيات المهمة بالقاعة، أُغلقت الأضواء، وبدأ العرض .
رأت جمانه نفسها في مواقف مألوفة، وهي في صفها، في بيتها، وفي حفلات الأصدقاء، لكن بدلاً من أن تسمع صوت الحدث، كانت تسمع صوتًا واحدًا فقط يحدثها بشدة : جمانة !!!
أنتِ لا تستحقين شيئًا، الجميع يسخر منكِ، ولن تتغيري مهما حاولتِ، أنتِ ناقصة دائمًا، لا أحد يهتم لأمرك،
النجاح والتغيير مستحيل بالنسبة لكِ، أنتِ لستِ ذكية، شكلكِ غريب وبشع، لا أحد يحبك، لن تتغيري أبدًا .
شعرت جمانة أن المقعد يبتلعها .
كان الصوت يشبه صوتها، لكنه مشوّه وساخر وقبيح .
تيرا بهدوء وهي تبتسم : هذا هو الناقد الداخلي، الذي عشتِ معه طويلاً، لكن اليوم، سوف أدربك على إسكاته .
طلبت تيرا من جمانة أن تتخيله بشخصية مضحكة، وهكذا تخيّلته كصورة ضفدع يرتدي قبعة مهرج، يردد الكلام نفسه بصوت سخيف.
ضحكت جمانة للمرة الأولى، وقالت له : اسكت فهذا رأيك، ولكني في الحقيقة لست كذلك .
هل أنا غبية !! هل كنتُ أصدّق هذا الصوت طول الوقت ؟
ردّت تيرا : ليس بعد الآن جمانة .
وهنا بدأت تشعر جمانة بأن شيئاً صغير قد تغير ، لكن أثره عليها كبير .
المشهد التالي كان أهدأ… لكنه أوجعها أكثر .
لقطات من حياتها تُعرض، لكنها هذه المرة ترى ما لم تكن تلاحظه :
– كيف ساعدت صديقتها بصمت .
– كيف سامحت من جرحها .
– كيف حاولت أن تكون شجاعة دون أن يراها أحد .
فظهرت جملة على شاشة السينما :
ليس عليكِ أن تكوني مثالية لتكوني قوية، أنتِ تضيئين، حتى إن لم يصفق لكِ أحد .
رفعت تيرا يدها، وقالت : والآن حان وقت التحول .
تأخذ تيرا بيدها إلى غرفة فيها مرآة ذهبية، وطلبت منها أن تقف أمامها،
جمانة امنحي نفسك تصفيقًا وتشجيعاً أنتِ تستحقينه .
وقولي لها : أنا أذكى مما أظن، أقوى مما أعتقد، وأجمل مما أرى .
ترددت جمانة، وتلعثمت كلماتها ثم همست بصوت خافت، ثم قالت بصوت عالي .
أنا أذكى مما أظن، أنا أقوى مما أعتقد، وأنا أجمل مما أرى .
ابتسمت تيرا ووضعت نجمة صغيرة على كتف جمانة
وقبل أن تدخل جمانة ساحة مواجهة افتراضية، قالت لها تيرا :
تيرا : جمانة.. هل أنتِ جاهزة لتغيير القصة ؟
جمانة : نعم سأحاول ..
تيرا: والآن !! ارفعي رأسك، اجعلي كتفيك للخلف، وابتسمي، هذه وقفة الثقة .
فظهرت على الشاشة جملة جديدة :
المواجهة الأولى .
جمانة تنفست بعمق… وشعرت فجأة بقوة جديدة تسري في عروقها تُحرك جسدها .
طلبت منها تيرا تمثيل بعض المواقف التي كانت تخجل منها، في بادئ الأمر ترددت في تمثيل المواقف، لكن تيرا شجعتها لتبدأ .
فوجدت جمانة نفسها في مشهد واقعي تعيد تمثيله، لكنها الآن تعيشه وتمثله بشجاعة :
أصبحت تقول رأيها دون أن تخجل، تطلب المساعدة بدون خجل أو تردد .
ترفض طلبًا منهكاً بلطف، أصبحت تقول لا عندما لا تريد، تتحدث أمام زميلاتها بثقة .
وفجأة !!! تغيرت من حولها الإضاءة إلى اللون الوردي والأصفر والأزرق،
تغيرت بتغير شعورها وإحساسها، وارتفعت أصوات الموسيقى بتغير نبرة صوتها، وخطواتها الواثقة، وضحكاتها الصادقة، كموسيقى السعادة والانتصار .
شعرت جمانة بالسعادة والثقة لما يحدث لها .
تيرا : هذه اللحظة، ليست تمثيلاً، إنها الحقيقة .
فظهرت على شاشة السينما ..
“إنها لحظة صدق نابعة من داخلك ، لحظة ولادتك من جديد،
والمفاجأة ؟ أنتِ من كتبتِ هذا السيناريو”
تيرا : حان الوقت لأن تكتبي نهاية قصتك .. بيدكِ يا جمانة .
جلست جمانة وحدها في القاعة صامتة، وأمامها شاشة بيضاء، وقلم ذهبي .
فتحت تيرا صندوق ذهبي في داخله بطاقات ملونة، كُتب عليها ومضات شجاعة .
وبالرغم أنها بسيطة إلا أنها تعكس فكرة خروجها من منطقة الراحة خطوة بعد خطوة .
تيرا : خذي هذه الوصفات السحرية واكتشفي ما هو مخبأ في هذه البطاقات الملونة باهتمام بالغ واعملي بها .
والآن يا جمانة ،، دوني ثلاثة إنجازات فعلتيها، صغيرة أو كبيرة، لا يهم، المهم أنها لكِ وحدك،
كتبت جمانة دون تردد :
ضحكت من قلبي دون أن أخاف
“قلت لا،، دون تبرير “
“أرى أني فتاة قوية لأول مرة”
فظهرت أمامها على شاشة السينما :
“الثقة لا تأتي دفعة واحدة، بل تُبنى مشهدًا بعد مشهد، وموقف بعد موقف.
وقبل الخروج من قاعة السينما، همست تيرا لجمانه قبل وداعها :
الرحلة لم تنتهِ بعد، لكنها بدأت، والثقة التي تبحثين عنها كانت في داخلكِ طوال الوقت، فهى ليست مشهداً واحدًا،
إنها سلسلة عروض، تعرضينها لنفسك كل يوم، وتصفقين فيها لذاتك .” أنا فقط ساعدتكِ في اكتشافها ” .
دفتر الإنجازات ،، القائمة الذهبية
فتحت جمانة عينيها، وجدت نفسها في غرفتها وفي يدها دفتر صغير أهدته لها تيرا مكتوب عليه “قائمة الإنجازات الذهبية”
يبدو كل شيء كما هو، لكن هناك شئ فيها قد تغيّر ، نظرت في المرآة، وبدلاً من أن تبحث عن عيوبها، ابتسمت وقالت :
أنا لست مجرد فتاة خجولة، أنا فتاة بدأت تصنع قصتها .
اترك تعليقاً