هل أستطيع التصرف مثل الكبار ؟ هل أنا صغيرة أم كبيرة ؟ هل اللباس الذي اخترته مناسب للمناسبة ؟ هل جسدي جميل كما أراه في المرآة ؟ كيف أتعامل مع الآخرين في هذا العالم المتغير ؟
فمثل هذه الأسئلة تملأ ذهنك يوميًا، مما يجعلك تشعرين بالقلق والحيرة .
لا تقلقي، كل مراهقة تمر بتجارب مشابهة! فمن الطبيعي أن تجدي مشاعرك وأفكارك متداخلة ومختلطة .
في هذا المقال، سنغوص في أعماق هذه المشاعر! سنستكشف معًا كيفية التعامل مع الحيرة في هذه المرحلة الفريدة من حياتك، سنبحث في العوامل التي تؤثر على هويتك وكيف يمكنك تحديد من تريدين أن تكوني .
فهم الحيرة : أسبابها وكيفية حدوثها لدى المراهقات
قد تتساءلين، ما الذي يجعلك تشعرين بهذه الحيرة ؟ أحد الأسباب الرئيسية هو الضغط الذي يأتي من محاولة التوافق مع ثقافة وتوقعات المجتمع، وهذا مرهق ومحير بالنسبة للفتيات في هذه المرحلة العمرية . ففي عالمنا اليوم، تتعرضين باستمرار لصور مثالية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والإعلانات، هذه الصور قد تبدو جذابة، لكنها غالبًا ما تكون بعيدة عن الواقع، مما يجعلك تشعرين بعدم الكفاءة أو الشعور بالنقص، ومهم جداً ألا تقارني نفسك بالآخرين، بل ابحثي عن ما يجعلك مميزة، تذكري أن حب واحترام نفسك هما الأساس في رحلة اكتشاف الهوية .
قد تمرين أيضًا بتجارب جديدة تجعلك تشعرين بالحيرة، مثل العلاقات وأحلام المستقبل . وهل تودين دراسة شيئًا معينًا ؟ أو هل ترغبين في الانضمام إلى مجموعة جديدة ؟ هذه التساؤلات طبيعية تمامًا، ومن المهم أن تتيحي لنفسك مساحة للتفكير والتجربة، ولا تخافي من ارتكاب الأخطاء، فكل تجربة هي فرصة للتعلم والنمو .
وخاصة مع بداية رحلة المراهقة تغْلب مشاعر الحيرة والارتباك، فقد تشعر الفتيات بأنهن عالقات بين عالم الطفولة و واقع البلوغ، حيث تتداخل رغباتهن مع توقعات المجتمع منهن، فقد تتساءلين : “هل أنا صغيرة بما يكفي لألعب، أم كبيرة بما يكفي لأتحمل المسؤوليات ؟” . من المهم أن تعي أن هذا الشعور طبيعي .
بالإضافة إلى أن التغييرات الجسدية والنفسية التي تحدث خلال هذه الفترة تثير تساؤلات حول الهوية : “من أنا ؟” وأين أنتمي ؟” فتسعى المراهقات إلى فهم هويتهن ومكانتهن في المجتمع، مما قد يؤدي إلى حيرة بشأن خياراتهن وتوجهاتهن المستقبلية . ومن ناحية أخرى شعورهن بالحيرة نحو ما هو صحيح وما هو خاطئ، هذا طبيعي تمامًا! فالكثير من الفتيات يواجهن ضغوطات من المجتمع وثقافته السائدة، وكل واحدة منهن قد ترى الأمور بشكل مختلف، مما يجعلها تشعر بالقلق أو التردد في اتخاذ القرارات .
كيف تتعاملين مع الحيرة في حياتك كمراهقة : نصائح بسيطة ومفيدة
يمكن أن تكون مشاعر الحيرة مفيدة إذا تم إدارتها بشكل صحيح، ويمكن للمراهقات تحويل هذه المشاعر إلى قوة نفسية تدفعهن نحو النمو الشخصي والنجاح وذلك بتطوير عدد من المهارات ، منها …
-
تعزيز الثقة بالنفس : احرصي على التركيز على نقاط قوتك ونجاحاتك . اكتبي قائمة بالإنجازات التي تفخرين بها، حتى لو كانت صغيرة هذا يمكن أن يعزز من تقديرك لذاتك .
-
التحدث مع الأصدقاء أو العائلة : مشاركة الأفكار والمشاعر مع أشخاص موثوق بهم يساعد على تخفيف الضغط، عندما تجدين أن الكثير من الأشخاص يمرون بتجارب مشابهة .
-
تجربة أشياء جديدة : انخرطي في أنشطة جديدة، سواء كانت رياضة، فنون، كتابة، أو أي هواية تحبينها، هذا يمكن أن يساعدك على اكتشاف اهتماماتك وهويتك بشكل أفضل .
-
تحديد القيم الشخصية : خذي بعض الوقت للتفكير فيما هو مهم بالنسبة لك، ما هي القيم التي تؤمنين بها ؟ ما الذي يجعلك تشعرين بالسعادة ؟ يمكنك استخدام هذه القيم كمرشد في اتخاذ القرارات .
-
استشارة مرشد أو مستشار : التحدث معه يساعد في معالجة المشاعر المعقدة .
-
البحث عن المعلومات : جمع المعلومات حول الخيارات المتاحة يمكن أن يساعد في اتخاذ قرارات مدروسة .
-
التفكير النقدي : تقييم الخيارات المتاحة من خلال التفكير في العواقب والنتائج المحتملة يمكن أن يساعد في اتخاذ قرارات صحيحة وحكيمة .
-
تقبلي الحيرة : تقبلي أن الحيرة جزء طبيعي من مرحلة المراهقة، ولا تشعري بالضغط لتكوني دائمًا متأكدة، مع العلم أن الاعتراف بهذا الشعور يمكن أن يكون خطوة أولى نحو التعامل معه .
-
مارسي التأمل : فالتأمل يساعدك على تصفية ذهنك والشعور بالهدوء، مما يسهل اتخاذ القرارات .
-
تحديد الأهداف : وضع أهداف قصيرة وطويلة الأجل يساعد المراهقات على التركيز على ما يرغبن في تحقيقه، مما يقلل من الحيرة .
-
ابحثي عن المعلومات : إذا كنتِ حائرة بشأن موضوع معين، ابحثي عن معلومات موثوقة، المعرفة يمكن أن تساعدك على الشعور بالثقة .
-
خذي وقتك : لا تتعجلي في اتخاذ قرارات كبيرة، خذي وقتك للتفكير في خياراتك وما يناسبك .
ختاماً :
هناك الكثير من الأشياء المثيرة التي ستكتشفينها عن نفسك والعالم من حولك، حيرتك وارتباكك ليس ضعفاً أو عيباً، بل هما جزء طبيعي من نموك في رحلتك نحو النضج، استخدمي هذه المشاعر كفرصة للنمو وتطوير ذاتك واكتشاف من تكونين حقًا، فكل سؤال يدور في ذهنكِ، وكل شعور تمرين به، وكل تجربة سواء كانت جيدة أو سيئة تساهم في تشكيل هويتك، كوني صادقة مع نفسكِ، استعدي لاستكشاف جوانب جديدة من حياتكِ . وفي النهاية، ستخرجين من هذه المرحلة أقوى وأكثر نضجًا، مجهزة بالأدوات اللازمة لمواجهة تحديات الحياة، فابدئي هذه الرحلة بشجاعة وثقة!
المراجع :
د . أسماء عبد الوهاب / حيرة المراهق هو طفل ولا كبير