وضع الأهداف يحدد مسارك

الأهداف إذا رسمت بشكل جيِّد ستكون أكبر مصدر طاقة محفز للإنسان

47
0

تقوم فكرة وضع الأهداف على مبدأ أنّ الأشياء تصنع مرتين، الأولى في أذهاننا عبر تكوين صورة واضحة التفاصيل لكل ما نود الوصول إليه، وأي شكل ستأخذه حياتنا بعد سنة أو خمس أو عشر سنوات . والثانية على أرض الواقع عبر العمل الجاد الموجّه.. تماماً كما يفعل المهندس المعماري الذي يضع مخططاً للبيت الذي يريد بناءه، يحوي هذا المخطط كل التفاصيل الدقيقة لكل ركن من أركان البيت قبل أن يضرب مسماراً واحداً .

– لماذا يجب أن نضع أهدافاً

سنذكر مجموعة من الأسباب التي تجعل وضع الأهداف ذا أهمية خاصة

أوّلاً : الأهداف إذا رسمت بشكل جيِّد ستكون أكبر مصدر طاقة محفز للإنسان، الأهداف تدفعنا للعمل، وتجعلنا نواصل الليل بالنهار عملاً وإجتهاداً، وقد ذكر أنتوني روبنز أن جماعة من الناس سألوه : لماذا لم نستطع أن نحقق ما نرجوه ؟ فقال لهم : “لستم كسالى ولكن لديكم أهدافاً عاجزة”.

ثانيًا : الأهداف هي السبيل الأمثل لزيادة إنتاجية المرء وإنجازه، ففي دراسة بعنوان “Goal Setting for Success & Developing SMART Habits”، المنشورة على موقع Brian Tracy والتي أُجريت عام 1968، استندت إلى نظرية تحديد الأهداف التي طورها الباحث Edwin Locke، وكانت نتائجها كالتالي :

1. زيادة التحفيز : الأفراد الذين وضعوا أهدافًا محددة وواضحة كانوا أكثر تحفيزًا لتحقيقها مقارنةً بأولئك الذين لم يضعوا أهدافًا .

2. تحسين الأداء والإنجاز : الطلاب الذين وضعوا أهدافًا أكاديمية محددة أظهروا تحسنًا ملحوظًا في أدائهم الأكاديمي مقارنةً بأولئك الذين لم يضعوا أهدافًا .

3. تقليل التوتر والضغط : وضع أهداف سنوية يساعد في تقليل التوتر والضغط المرتبطين بتحقيق الأهداف الكبيرة .

4. تعزيز الكفاءة الذاتية : الأفراد الذين وضعوا أهدافًا سنوية شعروا بزيادة في الكفاءة الذاتية، أي الثقة في قدرتهم على تحقيق الأهداف .

ثالثاً : الأهداف توضح الرؤية، وتدل الإنسان على وجهة الطريق التي يجب أن يسلكه، وتكون كمعيار يحتكم إليه الواحد منّا قبل إقدامه على إنجاز أي مشروع، فمثلاً إذا دُعيت إلى عمل معيّن فستسأل نفسك : هل هذا العمل يسير مع أهدافي التي رسمتها وبالتالي سيحقق ما أصبو إليه، أم أنّه سيشغلني دون عظيم فائدة ؟.

وقد شبه أنتوني روبنز من يضع له أهدافاً ومن لا يضع، بالطفل الذي يلعب بالألعاب التركيبية . نعلم أنّ الطفل هنا يرى الصورة الكبيرة ويركب القطع الصغيرة جنباً إلى جنب حسب الصورة، الشخص الذي لا يضع لحياته أهدافاً كمن يركب القطع الصغيرة دون أن يرى الصورة الأصلية، وتخيل كم مهمته صعبة بل مستحيلة!.

نستطيع أن نشبه مساعدة الأهداف على توجيه الوعي وتركيزه بشخص اشترى سيارة من نوع معيّن.. في الحال سيبدأ هذا الشخص بملاحظة السيارات التي تشبه سيارته الجديدة.. وقد يتفاجأ بالكم الكبير من السيارات التي تشبه نوع سيارته الجديدة وأنّه لم يلاحظ ذلك من قبل، وعلى ذات النحو، من يضع هدفاً سوف يستولي على إنتباهه واهتمامه أينما ذهب .

– خصائص الأهداف

الأهداف المحفزة لها خصائص معيّنة وسمات سنستعرضها فيما يلي :

أوّلاً : الأهداف المحفزة لابدّ أن تتوافق مع سلم أولوياتك، وتعمل على حفظ وإبراز قيمك الشخصية.. لأنّ هذا التوافق هو الذي يعطيك القوة والدافع للمثابرة في تحقيق التغيير.. ولهذا عندما تعمل على بناء أهدافك لابدّ أن تسأل نفسك سؤالاً في غاية الأهمية : ما هو الشيء الذي يستحق أن تصرف فيه الساعات والأيام، وتبذل من أجله الجهود ؟ ما هي الأشياء التي تعطيها أكبر وأهم قيمة في حياتك ؟ ماذا تريد بالضبط ؟ ما هي الفكرة أو العمل الذي تجد نفسك مستعداً لأن تبذل من أجله الغالي والنفيس ؟.

عندما تمتلك بصيرة بما هو مهم وأساسي في حياتك (وهذا ما نسميه سلم القيم)، ومن ثم تبدأ بالتغيير وفق هذه الأهمية فاعلم أنّك وضعت في مشروعك روحاً قويةً لن تنطفئ، وإذا اختبئ نورها فسيكون من السهولة إحياؤها من جديد، وحتى ما ستتعرض له من فشل وعقبات في طريقك فسيسهل عليك التغلب عليه أو تقبله .

لابدّ أن تكون هذه الأولويات حاضرة في ذهنك طوال الوقت، والواقع أنّه من اللحظات القاسية على الإنسان، والتي قد تمر عليه بعد أمد طويل من العمل والجهد هو إحساسه بأن ما أشغل به نفسه كان قليل الأهمية، وأنّه كان متوهماً عندما حمّل هذا العمل أهمية أكثر مما يحتمل .

ثانياً : لابدّ أن يكون التحكم في أهدافك والوصول إليها في يديك وتحت سيطرتك.. “الهدف الذي لا يتحقق إلا بوجود ومساهمة الآخرين هو أمنية وليس هدفاً”. كأن تقول: أريد أن أبدأ مشروعاً تجارياً عندما أجد من يمدّني بالمال. هذا الهدف غير عملي وغير محفز. لكن أن تقول سأسعى من أجل إيجاد ممول لمشروعي التجاري فهذا هدف منطقي ومقبول، الفرق طفيف من الصياغة لكنه كبير شعورياً وواقعاً .

ثالثاً : لابدّ أن يكون الهدف مما يسهل تجزئته إلى أجزاء صغيرة يمكن قياسها، فالمحافظة على الصحة الشخصية واللياقة البدنية مثلاً هدف كبير يمكن تجزئته إلى ممارسة رياضة المشي لمدة عشرين دقيقة كل يوم، وإتّباع حمية معيّنة وهكذا.. “الهدف الذي يصعب تحديده أو قياسَ التقدمِ فيه يصعب الوصول إليه”.

والآن جاء وقت الكتابة..

هيئ نفسك.. خذ ورقة وقلم.. اجلس في مكان هادئ. أسأل نفسك هذا السؤال: إذا كنت تعرف أنك لن تفشل أبداً، فما الذي تود أن تكونه أو تفعله في مستقبل أيامك؟ ما هي الوضعية المثالية التي تتمنى أن تكون عليها بعد خمس أو عشر أو خمس عشرة سنة؟.

ابدأ بالكتابة واجعل قلمك يتحرك مدة لا تقل عن عشرين دقيقة.. اكتب في كل مجالات حياتك من الجانب الايماني إلى الأسري والمهني والإجتماعي والمالي إلى غير ذلك.. ارسم الصورة التي تود أن تكون عليها أنت كشخص، صفاتك، مهاراتك، نجاحاتك، حياتك في المستقبل، بكل ملامحها وتفاصيلها. لا تفكر الآن في كيفية تحقيق ذلك، وهل هذا منطقي أم لا، فقط اكتب بلا حدود ولا قيود، ولا تتوانى عن ذكر أدق التفاصيل.

وأحذر من الخوف من الفشل أو قصور الأهداف كما قال أحدهم: “ضع هدفاً عملاقاً لأنك في الأغلب لن تصل إلى أكثر مما وضعت”.

تذكر أنك ترسم مسار حياتك وهذا يعني أنك لابدّ أن تعطي هذه الخطوة حقها من الوقت والجهد والتركيز والمراجعة. عندما تكتمل الصورة العامة يجب أن تنتقل إلى خطوة تالية وهي..

– تجزئة هذه الأهداف الكبيرة إلى أهداف صغيرة..

فما الذي ستنجزه خلال هذه السنة، الستة أشهر القادمة، الشهر الحالي، هذا الأسبوع، وكيف ستبدأ من اليوم. الأهداف قصيرة الأمد سوف تمدك عند إنجازها بطاقة هائلة لإكمال المشوار.. وكما قيل: (النجاح يصنع النجاح)

فالنجاح في الأهداف الصغيرة سوف يقودك إلى النجاح في تحقيق الأهداف الكبيرة.


المرجع :

وضع الأهداف.. يحدد مسار حياتك الكاتب : د. ياسر عبدالكريم بكار

BRIAN TRACY

فريق مجتمع وردة
WRITTEN BY

فريق مجتمع وردة

نخبة من الكاتبات المتخصصات في مختلف المجالات و المهتمين بإثراء وتقديم محتوى مناسب وقيّم للفتيات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *