حديثك الداخلي مفتاح ثقتك

سلسلة ابني ثقتك بنفسك خطوة بخطوة 3


pvde; hgvhogd ltjhp erj;

إنها حياة صعبة، أليس كذلك!؟ عندما تكون نظرتك لنفسك سلبية دائمًا، تشعرين بأنكِ “أقل منهم” أو “أغبى منهم”، وكل كلمة تسمعينها كأنها موجهة إليكِ بالذات. حتى المديح ترينه مجاملة. هذه هي الصورة الذاتية : كيف ترين نفسك من الداخل، وما هي الأفكار التي تبنينها عن قدراتك وشخصيتك. هل هي سلبية أم إيجابية؟

حديثك الداخلي وصورتك الذاتية

كثيرات منا لا يهتممن بطريقة كلامهن عن أنفسهن، عن حياتهن، قدراتهن، الناس من حولهن، وحتى الظروف التي يمررن بها. لا ندرك أن الكلمات التي نستخدمها، خاصة التي نقولها لأنفسنا، لها قوة هائلة .

تقول الكاتبة لويز هاي في كتابها (القوة بداخلك) إن كلمات الأهل التي سمعناها ونحن صغار، مثل “أنتِ غبية” أو “مزعجة”، ربما لم تؤثر فينا وقتها، لكنها انحفرت في اللاوعي وظهرت في شخصيتنا ونحن كبيرات. هذه التربية ساهمت في تشكيل حديثنا الداخلي .

إن حديثك الداخلي (الكلام الذي تقولينه لنفسك) هو المرآة التي تعكس صورتك الذاتية، وهو مثل النظارة التي ترين بها نفسك والعالم. لو نظارتك نظيفة وواضحة، سترين كل شيء جميلًا وواقعيًا. لكن لو النظارة مغبشة أو مكسورة، سترين كل شيء مشوهًا وسلبيًا.

الصورة الذاتية : تتحكم بسلوكك وتوقعاتك!

نظرتكِ لنفسك هي مفتاح شخصيتك وسلوكك. لو غيرتِ نظرتك، ستتغير شخصيتك وتصرفاتك.

فالصورة الذاتية تقوم بشيئين خطيرين :

  •   توجِّه سلوكك : الصورة الذاتية هي الأساس لتصرفاتك. لو صورتك عن نفسك أنكِ خجولة، ستتصرفين وتمشين وتتكلمين كشخصية خجولة .
  •   تخلق توقعات معينة : تحدد كيف تتوقعين أن الناس يتعاملون معك، وهذا ينعكس على سلوكك أمامهم ويشكل نموذجًا يتعاملون فيه معك، نحن نعلّم الناس كيف يعاملوننا! معتقداتنا الداخلية عن أنفسنا تشكل لغة جسدنا، سلوكنا، نبرة صوتنا، وردود أفعالنا. الآخرون يراقبونكِ ليتعلموا كيف يتصرفون معكِ، وما هو المقبول وغير المقبول لديكِ، وما حدودكِ .

علاقتكِ بنفسك هي أساس كل علاقاتك الأخرى. لو تعاملتِ مع نفسك بحب، الناس سيعاملونك بحب.
لو قسوتِ على نفسك، ستجدين القسوة من الآخرين. لو احترمتِ احتياجاتك، سيحترمونها الآخرون .

هناك ارتباط قوي بين علاقتك بنفسك (نظرتك لها، قبولك واعتزازك بها) وإسلوب حياتك وعلاقاتك بالآخرين . حسب قانون الانعكاس، أنتِ تجذبين لحياتك (علاقات، صداقات، ناس، مواقف) ما هو موجود بداخلك . الشخص الذي يلوم نفسه من الداخل، سيجد ناسًا يجادلونه وينتقدونه ويقسون عليه أينما ذهب. لو عندكِ شعور بالضعف والسلبية وأنكِ مظلومة، ستلاحظين كثرة الظلمة في حياتكِ. تأكدي أن كل موقف وشخص حولكِ يمثل بالضبط كيف تتعاملين مع نفسك، لو أردتِ إيجابيات حولك، تأكدي أنها موجودة بداخلك، لو غيرتِ ما بداخلك، ستتغير الشخصيات التي حولك، فما تحملينه بالداخل وما تعتقدينه سيصبح بالخارج، فالعالم ليس كما هو، إنما أنتِ ترينه كما أنتِ .

بناء صورة ذاتية إيجابية : مفتاح النجاح!

تقدير الذات هو بناء صورة إيجابية لنفسك، وهو مفتاح النجاح في الحياة. هو شعور يتغير حسب المواقف ورؤيتنا لأنفسنا، ليس شيئًا ثابتًا. والخبر الجميل أن كلما زاد حبكِ لذاتك، قل خوفكِ من الفشل، وقل اهتمامكِ بآراء الآخرين أو خوفكِ من نقدهم .

الناس الذين لا يحبون ذاتهم كثيرًا يكون لديهم شيء اسمه التدمير الذاتي. هذا شعور داخلي بعدم الاستحقاق يجعل العقل الواعي واللاواعي يمنعكِ من تحقيق أهدافكِ. فمثلًا، لو أردتِ وظيفة معينة لكن داخلكِ شعور بأنكِ لا تستحقينها، ربما عقلكِ اللاواعي يدمر هذا الهدف وتنسحبين من المقابلة أو تتأخرين .

صفات صاحبة النظرة الدونية وكيف تتخلصين منها ؟

صاحبة النظرة الدونية غالبًا تكون :

  • تقارن نفسها باستمرار : تحس بأن الآخرين أفضل منها .
  • تتوقع الأسوأ : تتوقع الفشل أو الرفض دائمًا .
  • تدمر فرصها : مثل التأخر عن مقابلة عمل مهمة .
  • تلوم نفسها : تعتقد أنها سبب كل المشكلات .
  • تخاف من النجاح : تشعر بعدم الاستحقاق (“ماذا لو اكتشف الآخرون أنني لست بالمستوى الذي يتوقعه الجميع وأن مستواي الحقيقي لا يؤهلني لهذا الإنجاز ؟”)

كيف تتخلصين منها ؟

  • تحدي المعتقدات : اسألي نفسك : “هل هذا الاعتقاد صحيح ؟ وما الدليل ؟
    ” مثلًا لو قلتِ : “أنا ضعيفة”، اذكري 3 مواقف أثبتي فيها قوتكِ .
  •   توقفي عن المقارنة : ركزي على تطوير نفسكِ بدل مقارنة نفسكِ بالآخرين .
  • عززي استحقاقكِ : اكتبي قائمة بإنجازاتكِ الصغيرة والكبيرة، واقرئيها كل يوم. اسمحي لنفسكِ بأن يهتم بكِ أحدهم أحيانًا، أنتِ تستحقين!
  • اهتمي بنفسك ومظهرك : اهتمي بجسدك، ونظمي نومك، أكلك، ونشاطك، هذا سيقنعكِ بقيمتك .
  •   احترمي مشاعرك : لا تكبتيها، وعبري عنها .
  •   كافئي نفسك : افعلي أي شيء يسعدك، ربما رحلة بسيطة، هدية لنفسك، أو كوب قهوة تحبينه .
  •   اطلبي الدعم : لا تترددي في التحدث مع معالج أو مرشد يساعدك على كسر دائرة نقد الذات .

ما هي الأسباب التي تجعل ثقتك ضعيفة ؟ (الأسباب الخفية)

  • التراكمات القديمة : التنمر وانتقادات الطفولة (مثل : “أنتِ بطيئة”) يمكن أن تصير معتقدات سلبية (“أنا غبية”).
  • الخوف من الظهور “بشكل غير مثالي”: محاولة إرضاء الجميع كي لا تتعرضي للنقد .
  • كثرة تحليل الأخطاء ونقد الذات : التركيز على العيوب والأخطاء وتضخيمها بدل التعلم منها .
  • التعرض لمواقف مهينة باستمرار : علاقات سامة أو بيئة عمل تقلل من قيمتك .
  • الكمالية الزائدة : الاعتقاد بأن الخطأ يعني “فشل كامل”، أو وضع توقعات عالية جدًا لنفسكِ يمكن أن يجعلكِ تشعرين بالإحباط لو لم تصلي إليها. كوني لطيفة مع نفسك، وحاولي أن تفعلي أفضل ما عندك، وهذا يكفي .
  • الأفكار السلبية التي في رأسك : تكرار جمل مثل : “لن أقدر”، “لن يفهمني أحد”، أو “أنا ضعيفة”.

عاملي نفسك بحب ولطف! أنتِ تستحقين كل خير، وتستحقين أن تثقي بنفسك وتكوني سعيدة. صورتك عن نفسك كنز كبير، وكلما كانت أجمل وأقوى، كلما كانت حياتك كلها أجمل .

قصة نورة : رحلة من الظلام إلى النور

هل تعرفين نورة ؟ كانت مثل كثيرات من الفتيات، ترى نفسها أقل من الجميع. كل كلمة، كل نظرة، كانت تفسرها على أنها تقليل من قيمتها. كانت تقول لنفسها “أنا لستُ جميلة مثلهم”، “أنا أغبى منهم”. لو مدحها أحد، كانت تقول في بالها : “أكيد يجاملونني فقط”. حياتها كانت صعبة وهي ترى نفسها هكذا، نظارتها للحياة كانت مغبشة بالكامل .

لكن نورة قررت أن توقف هذا الشيء. بدأت شيئًا فشيئًا تتحدى أفكارها السلبية. بدل أن تقول “أنا لا أقدر”، صارت تقول “سأحاول”. بدأت تركز على إنجازاتها الصغيرة، مثل أنها أنهت واجبًا صعبًا، أو ساعدت صديقة. وبدأت تعتني بنفسها أكثر، تهتم بأكلها ونومها. صحيح أن الطريق لم يكن سهلًا، لكن مع كل خطوة، بدأت نظارتها تصير أوضح، ورأت نفسها والعالم بطريقة أجمل وأصدق. نورة اكتشفت أن القوة التي كانت تبحث عنها في الخارج، كانت موجودة بداخلها طوال الوقت .

حديثك مع نفسك مفتاح ثقتك
حديثك مع نفسك مفتاح ثقتك

بناء ثقة لا تتزعزع : الخطوات العملية قادمة!

رأيتِ كيف قصة نورة ؟ هل تريدين أن تعرفي كيف تبنين ثقةً بنفسكِ لا تهتز أبدًا ؟ وكيف تُقدّرين ذاتكِ وتجعلينها عالية ؟ هذا بالضبط ما سنتحدث عنه في المقال القادم والأخير في هذه السلسلة، بخطوات وتمارين عملية يمكنكِ تطبيقها في حياتكِ اليومية. كوني مستعدة لرحلة بناء ذاتكِ الرائعة!

المقال القادم : “ثقتك بنفسكِ : دليلكِ العملي لتقدير الذات غير المحدود!”


المراجع :

رحلة نحو الذات. للأخصائية النفسية نورة الصفيري


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *