هل شعرتِ يوماً أن مشاعرك أشبه بعاصفة لا تعرفين كيف تهدئينها ؟ أو أن تغيرات جسدكِ تجعلكِ تشعرين بالارتباك ؟
هل مررتي بمواقف صعبة تشغل فكرك وتسبب لك الضغوط والمشاعر السلبية ؟ لا تقلقي، فإن الفنون والإبداع قد يكونان البوابة السحرية التي تُخرجِين منها كل ما بداخلكِ بلغة جميلة ومريحة … ولكن كيف !؟ هذا ما سنتناوله من خلال هذا المقال .
قصة ملهمة
في البداية دعينا نتحدث عن سارة، فتاة في الخامسة عشر من عمرها. كانت سارة تمر بتغيرات كبيرة في جسدها وأفكارها، مما جعلها تشعر بالقلق والاكتئاب أحيانًا. لكن، بدلاً من أن تبقى محبطة، قررت أن تجرب الرسم كوسيلة للتعبير عن مشاعرها. وعندما بدأت في رسم ما تشعر به، شعرت بتحرر كبير ، وأصبحت لوحاتها تعكس روحها الداخلية، وأدركت أنها ليست وحدها في مشاعرها .
دور المهارات الفنية والإبداعية في التعبير عن المشاعر ودعم الصحة النفسية
1 . الرسم والتلوين : عندما تتحدث الألوان بدلاً منك!
خذي أقلام، ألوان مائية، أو حتى تطبيقات الرسم الرقمي!، ودعِي يدكِ ترسم بحرية أشكال عشوائية، وجوه طبيعية، أو حتى بقع لونية!
فالرسم يُعد أحد أكثر الوسائل فعالية للتعبير ، فبه يمكنك استخدام الألوان والأشكال للتعبير عن مشاعرك والتي قد يصعب وصفها بالكلمات، مما يقلل من مستويات التوتر ويسهم في التنفيس والتفريغ العاطفي. فيمكنكِ أن تعكسي حالتك النفسية من خلال الألوان، فعلى سبيل المثال .. الأحمر قد يعبر عن الغضب، الأزرق عن الهدوء، والأصفر عن الفرح .
- والرسم يُحرر عقلكِ من الأفكار المتسارعة ويجعلك تركزين على (هنا والآن)، وهذا يساعدكِ على التأمل والتركيز وفهم نفسك بشكل أعمق .
- بالإضافة إلى أن تطوير مهارتك الفنية تعطيكِ شعور بالإنجاز مما يعزز من ثقتك بنفسك .

2 . الكتابة : عالمكِ السري على الورق
جربي واكتبي في دفتر خاص عن يومياتك، أحلامك، مخاوفك، أو حتى رسالة لشخص لا تستطيعين إخباره بما تشعرين، ويمكنكِ كتابة قصيدة أو قصة خيالية تجسدين فيها أفكارك ومشاعرك!
في كثير من الأحيان، قد تتسبب الضغوط في الشعور بالإرهاق أو الإحباط أو القلق أو الغضب أو العزلة أو الخوف أو مزيج من العديد من المشاعر، لكن الكتابة عن حالتك العاطفية تسمح لكِ بالتعامل مع أفكارك ومشاعرك والتعبير عنها، وتتيح لك فرصة التفكير فيما تشعرين به. فالكتابة مرآة تعكس مشاعرك وأفكارك وتُساعدكِ على فهمها بوضوح، وستتفاجئين عندما تعيدين قراءة ما كتبتيه بعد أشهر وتكتشفين كم كنتِ قوية وتتخطين الصعاب!
وتعد الكتابة التعبيرية من خلال كتابة اليوميات طريقة رائعة لمعالجة الأحداث الصادمة، وهذا ما أثبتته الدراسة البحثية التي أجريت عام 2015 .
وتوجد عدة أساليب للعلاج بالكتابة ولإعادة التوازن إلى صحتك النفسية
قد تكون عباره عن تدوين حر لكل مايرد على ذهنك من أفكار ومشاعر وبطريقة عشوائية أو بالكتابة الفورية لأي موقف صعب تتعرضين له وتصفين فيها تفاصيل الموقف والمشاعر والأفكار التي انتابتك أثناء حدوثها أو قد تكون بكتابة اليوميات السلبية والإيجابية أو بالكتابة التأملية .
3 . الحرف اليدوية والتصميم : ابدعي بيديك
المهارات مثل الحياكة، التطريز ، التصميم، صنع المجوهرات أو اعداد لوحة كولاج من صور مجلات قديمة، تساعدك على توجيه طاقتكِ السلبية إلى شيء إيجابي، مما يجعلكِ تشعرين بالإنجاز ، فالتركيز على الإبداع والتفاصيل الصغيرة يُبعد عقلكِ عن القلق .
ورؤية عملكِ اليدوي يكتمل يعطيكِ ثقة بأنكِ قادرة على صنع شيء جميل من الفوضى! ويمكن أن يكون كمهدئ لك .

4 . التصوير والفوتوغرافيا : احتفظي بلحظاتكِ الجميلة
- التقطي صوراً لتفاصيل يومك : زهرة في الطريق، وجبة لذيذة، أو شروق الشمس أو حتى تعابير وجهكِ في المرآة!
- فالصور تُذكركِ بأن الحياة ليست فقط تحديات… فيها الكثير من الجمال الذي قد لا تلاحظينه .
- يمكنكِ صنع “ألبومك الشخصي أو العائلي” لتري كيف تتغيرين وتنضجين مع الوقت!
لماذا يعمل الإبداع بأنواعه المختلفة كـ”سحر” للتخفيف من الضغوط ؟
- أنتِ تتحكمين في عالمك : في فترة تشعرين فيها أن كل شيء يتغير حولك، الفن يعطيكِ مساحة تكونين فيها” القائدة ” !
- لا نقد ولا حكم “صح أو خطأ”: لا توجد لوحة مثالية أو قصيدة بدرجة 100% ، المهم هو ما تشعرين به وأنتِ تُبدعين!
- تُعد هذه المهارات جزءًا من “العلاج بالفن” أو” العلاج بالكتابة ” المُستخدم في تخفيف أعراض القلق والاكتئاب ووسيلة للتنفيس عن الضغوط، مما يؤدي إلى شعور بالراحة، فعندما ترسمين أو تصممين أو تكتبين، يركز دماغكِ على الإبداع بدلاً من القلق والمشاكل .
- توفر بديلاً صحيًا عن السلوكيات السلبية (كالعزلة أو الإفراط في استخدام التكنولوجيا).
- العمل الجماعي : مشاركتك في أنشطة فنية مع الآخرين تعزز من علاقاتك الاجتماعية، وتساعدك في بناء صداقات جديدة، وتُمكِّنك معهم من تبادل الأفكار والدعم النفسي .
- التغلب على العقبات الفنية يمكن أن يساعد في تطوير المرونة النفسية ويعلّمك التكيف مع التحديات .
نصائح للتطبيق لتبدئي رحلتكِ الإبداعية
- جربي أشكال فنية مختلفة حتى تكتشفي ما يناسبك .
- ادمجي الإبداع مع أنشطة أخرى (كالرياضة أو النشاط الاجتماعي) لتحقيق توازن عاطفي .
- لا تنتظري الإلهام : ابدئي ولو برسم خطوط عشوائية، الكلمات ستأتي لوحدها!
- اختاري أدوات بسيطة : دفتر صغير في حقيبتك، تطبيق رسم على الموبايل، أو حتى أغنية تحبينها .
- شاركي إذا أردتِ : يمكنكِ إرسال قصيدة لصديقة أو نشر رسمة على منصة موثوقة – قد تجدين من يشجعك!
- لا تقارني نفسكِ بغيرك : فنّكِ هو بصمتكِ الخاصة، لا يشبه أحداً!
باختصار، المهارات الفنية ليست مجرد أدوات ترفيهية، بل وسائل قوية لمواجهة تحديات البلوغ عبر التعبير الصحي والاسترخاء .
مثلما استطاعت سارة استخدام الرسم للتعبير عن نفسها، يمكنكِ أنتِ أيضًا أن تجدي في الفن وسيلة للإبداع والتحرر. وتذكري، أن الفن ليس مجرد هواية!
المرجع :
المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسي
اترك تعليقاً