إن الثقة ليست شيئًا تولدين به، بل مهارة تبنينها يومًا بعد يوم بوعي وتكرار، كل خطوة صغيرة تقودك إلى نسخة أكثر إشراقًا وقوةً من نفسك. فهل أنتِ مستعدة لتبدئي رحلتكِ الرائعة نحو اكتشاف القوة اللامحدودة التي تكمن في داخلك ؟
في هذا المقال – وهو الأخير من هذه السلسلة – ستكون رحلتك ثرية بالتمارين والخطوات العملية، فهي ليست مجرد نصائح، بل هي أدوات قوية يمكنكِ استخدامها يومياً، وستُحدث فرقاً حقيقياً في حياتك، ستتعلمين منها كيف ترسخين ثقتك بنفسك ويكون لديك تقدير عالٍ لذاتك.
والآن، أمسكي بقلمك ودفتركِ، وقولي لنفسك : “اليوم هو اليوم الذي أبدأ فيه رحلتي!”
تذكري ..!!
- تذكري إنك دائماً في تطور : أنتي لستِ نفس الفتاة اللي كنتِ عليها قبل سنة، وسوف تكونين أحسن وأقوى بعد سنة، فسامحي نفسكِ عندما تخطئين فالخطأ جزء من الحياة والتعلم. عاملي نفسك بلطف مثلما تعاملين أقرب صديقة لك .
- تقبلي وصدقي المدح والكلمات الجميلة التي تُقال لكِ بابتسامة وعبارة “شكراً”. فحين يمدحك الآخرون، فإنهم يرون فيكِ مزايا وصفات رائعة قد لا تكوني منتبهة لها .
- أحيطي نفسكِ بأشخاص وصديقات إيجابيات وملهمات يُشعرنكِ بالدعم والتفاؤل، و ابتعدي عن الأشخاص المحبطين “أصحاب الطاقة السلبية” الذين ينتقدونكِ باستمرار ويقللون من شأنك .
- اعرفي قيمتك الحقيقية فأنتِ غالية ومميزة لمجرد إنك أنتِ، فقيمتك لا تعتمد على شكلك أو درجاتك أو كلام الناس. أنتِ فريدة،قوية، وموهوبة وأنتِ تستحقين أن تعيشي حياة مليئة بالثقة والسعادة! .
- تعلمي واكتشفي العالم : فكلما زادت معرفتكِ ومهاراتك، زادت ثقتكِ بنفسك وبقدرتك .
- اعتني بجسدك ومظهرك فجسدكِ وعقلكِ مرتبطان بطريقة لا تصدق، عندما تعتنين بجسدك، تنعكس هذه العناية إيجاباً على مزاجك، طاقتك، وثقتك بنفسك.
تمارين وخطوات عملية للوصول إلى الثقة بالنفس
تمرين تحدِّي صوت “الناقد الداخلي”: كوني مدافعة عن نفسك!
كلنا لدينا صوت داخلي يهمس لنا أحياناً بكلمات سلبية ويصدر الأحكام علينا : “أنتِ لستِ ذكية “، “شكلكِ غريب”، “لا أحد يحبك”. “ستفشلين” هذا الصوت هو “الناقد الداخلي”
ولكن ،، كيف تُسكتين هذا الصوت الداخلي السلبي ؟
- عندما تسمعين نقد داخلي اسمعيه كأنه شخص ثاني يقول لكِ هذا الكلام السلبي بصوت سخيف، كأفلام الكرتون مثلاً أو ركبيه على أي صوت تافه سخيف آخر تختارينه .
- ردي عليه كأنك تردين على شخص غريب وقولي له “هذا رأيك لكن الحقيقة غير” .
- حوّلي النقد إلى عبارات إيجابية وكرريها يوميًا بإيمان وشعور حقيقي. عندما يسمع عقلك النقد الداخلي بنبرة ساخرة، سيقلل من أهميته ويرفض تصديقه. بذلك، ستتمكنين من السيطرة على أفكارك بدلاً من أن تسيطر هي عليك .
تمرين جميل اقترحته لويز هاي
ضعي آلة تسجيل صوتي (مسجل) بالقرب من هاتفك تعمل بالصوت، لتسجل حديثك كلما تحدثتي على هاتفك، وعندما يمتلىء الشريط أصغي إليه ولاحظي نوعية حديثك، أصغي إلى الكلمات التي تستعملينها وانتبهي إلى نبرة صوتك، لاحظي هل ترددين عبارات معينة، دونيها فهي تعتبر نمطاً في حديثك وقد يكون هذا النمط سلبي أو العكس. فإذا كان نمطاً سلبياً اعملي على تغييره واستبداله بنمط أكثر إيجابية. وحاولي أن تخصصي يومًا مُعيّنا للتخلص من إحدى المفردات السلبية مثال :
“هذا ما أنا عليه ” غيريها إلى “هذا ما كنت عليه”.
“لا أستطيع أن أمنع نفسي من ذلك” غيريها إلى ” أستطيع أن أغير من هذا إن سعيت إلى ذلك”.
“هذه طبيعتي ” غيريها إلى “هذا ما كنت أعتقد أنه طبيعتي”.
تحدثي مع نفسك حتى تصلي إلى الثقة بالنفس
إن واحدة من أكثر الرسائل ثباتًا في أي تمرين لتطوير النفس هي أن الطريقة التي تتحدثين بها مع نفسك ستحدد حتميًا إلى أي درجة أفضل ستسيرين في الحياة، لا تستخدمي كلمات سلبية لتصفي نفسك، افصلي بين السلوك وذاتك، أنت لست سلوكياتك .
بدلي الأفكار السلبية بأفكار إيجابية : كلما تأتيكِ فكرة سلبية عن نفسك، قولي لنفسك كلام أحسن. مثلًا بدل “أنا فاشلة”، قولي “سأحاول مرة ثانية وأكيد سوف أتعلم” .
إنني أكره عملي، إنه ممل ! … اجعليها إيجابية بقولك … كل يوم يزداد حبي لعملي .
الحياة ليست سوى مشكلات وآلام … اجعليها إيجابية بقولك … الحياة تجارب وخبرات .
ليست لدي خبرة بالموضوع … اجعليها إيجابية بقولك … هذه فرصة عظيمة لزيادة معرفتي وخبرتي .
تمرين الثناء الشفهي على الذات
- أحضري قائمة نقاط قوتك الشخصية .
- قفي أمام المرآة قبل الذهاب إلى فراشك أو عند الاستيقاظ .
- انظري إلى وجهك وتحدثي إلى نفسك حديثاً مباشراً، واذكري أول نقطة قوة لديك، اصمتي للحظة واشعري بالفخر ؛ لأنك تتمتعين بهذه الصفة .
- كرري الإجراء مع بقية نقاط القوة الشخصية .
- عندما تنتهي ابتسمي لنفسك قائلة : «أحب ذاتي».
- كرري هذا التمرين من وقت إلى آخر ، قد تشعرين بعدم الارتياح أو الحرج في البداية، لأننا بشر غير معتادين على التأكيد على نقاط القوة التي نتمتع بها، ولم ننشأ على ذلك .
والنتيجة : أنه مع الوقت، سيتغير حواركِ الداخلي من انتقاد إلى تشجيع!
تمرين “الوقفة القوية”
قبل أي موقف صعب (مثل امتحان أو مقابلة)، قفي في وضعية ” الواثقة ” قفي و ” ظهرك مستقيم، كتفيكِ للخلف، وذقنكِ مرفوعة، نظرك للأمام “، مع تنفس عميق، وراقبي الفرق في إحساسك بعدها، فقد أثبتت الدراسات أن اتخاذ وضعيات القوة (مثل الوقفة القوية) لمدة دقيقتين يرفع مستوى التستوستيرون (هرمون الثقة) ويقلل مستوى الكورتيزول (هرمون التوتر) ، تدربي على هذه الوضعية واستمري عليها حتى تصبح من صفات شخصيتك بالتدريج .
- اخرجي من منطقة الراحة فالثقة تُبنى بالتجربة!
- جرّبي شيئًا جديدًا كل أسبوع … مثال : تحدثي أمام الفصل .
- انضمي لنشاط مدرسي لم تشاركي فيه من قبل .
- تعلمي مهارة جديدة (مثل الرسم، البرمجة، أو الرياضة) .
تذكري : كلما واجهتِ مخاوفك، زادت ثقتكِ بنفسك .
عيشي اللحظة بكل وعي : احتفلي واستمتعي بكل التفاصيل!
هل تعلمين أن التركيز على اللحظة الحالية يمكن أن يقلل التوتر ويزيد سعادتكِ ؟ هذا هو مفهوم “اليقظة الذهنية”، وهو تمرين بسيط لكن نتائجه مذهلة!
- تأمل التنفس (5 دقائق فقط!) : اجلسي في مكان هادئ، وأغمضي عينيكِ. ركزي على أنفاسكِ فقط. كيف يدخل الهواء من أنفكِ ويخرج ؟ اشعري بصدركِ وهو يرتفع وينخفض. كلما تشتت ذهنكِ بأفكار أخرى (وهذا طبيعي جداً!)، أعيدي تركيزك بلطف إلى أنفاسك .
- اليقظة في الأنشطة اليومية : اختاري شيئاً واحداً تفعلينه يومياً، مثل تناول وجبة أو المشي، وحاولي أن تفعليه بوعي كامل. انتبهي جيداً لطعم الطعام، رائحته، الألوان، أو للأصوات من حولكِ أثناء المشي. هذا التمرين يجعلكِ تقدرين جمال اللحظات البسيطة .
تمرين “القائمة الذهبية” تدوين الإنجازات اليومية
- اكتبي في دفتر صغير “3 إنجازات”حققتيها في يومك”، مهما كانت صغيرة، حتى تعاد برمجة العقل لرؤية الإيجابيات، مثال :
“حلّيت واجب الرياضيات، ساعدت صديقتي، تحدثت في الصف بثقة “والنتيجة ستلاحظين أنكِ أفضل مما تظنين، وتدركين كم أنتِ منتجة وقادرة! وستزداد ثقتك بنفسك تدريجيًا . - حددي أهدافاً صغيرة قابلة للتحقيق : اختاري هدفاً واحداً بسيطاً يمكنكِ إنجازه خلال أسبوع. مثلاً : “سأقرأ 10 صفحات من كتاب أحبه كل يوم” أو “سأتعلم 5 كلمات جديدة في الإنجليزية”. عندما تحققينه، احتفلي به بأي طريقة تحبينها (كوب قهوة مفضل، مشاهدة حلقة من مسلسلك). هذا يبني ثقتك خطوة بخطوة .
كوني قوية بصوتك وحدودك : دافعي عن نفسك بلطف!
القدرة على التعبير عن رأيكِ بوضوح ووضع حدود صحية مع الآخرين هي علامة على الثقة بالنفس واحترام الذات .
- عبري عن رأيك (ابدئي بالتدريج) : ابدئي بالتعبير عن رأيك في مواقف بسيطة لا تحمل مخاطرة كبيرة، مثل اختيار برنامج أو مطعم. مع الوقت، ستصبحين أكثر جرأة في المواقف الأكبر .
- تعلمي قول “لا” بلباقة : ليس عليكِ الموافقة على كل طلب يأتيك، خاصة إذا كان سيرهقكِ أو يتعارض مع أولوياتكِ. تعلمي أن تقولي “لا” بلطف، مع إبداء السبب إذا أردتِ. مثلاً : “شكراً لكِ على العرض، لكني مشغولة الآن”. هذا يعلم الآخرين حدودك ويقلل الضغط عليك .
تمرين “الإدعاء حتى الإتقان”
خدعة نفسية لتصبح واثقًا من نفسك حتى لو لم تكن كذلك في البداية! كيف تعمل ؟
- حددي سلوكيات الواثقين : مثل الوقوف مستقيمًا، التحدث بوضوح، والاتصال البصري .
- تخيلي ثم افعلي : مثلما يتدرب الممثلون، تصرّفي كأنك واثقة في المواقف البسيطة أولًا .
- كرري ولا تخافي من الأخطاء : كلما مارستي أكثر، أصبحت سلوكياتك طبيعية .
- راجعي تقدمك : بعد كل موقف، اسألي نفسك : ما الذي نجح ؟ وما الشيء الذي يحتاج تحسينًا ؟
- استمري : الثقة لا تُبنى بين ليلة وضحاها، لكنها حتمًا ستأتي مع الوقت! .
الفكرة ؟ “التمثيل” يُعلّم عقلك أن الثقة حقيقية، حتى تصبح كذلك فعلًا!
فيديو : كيف تتعاملين مع المواقف المحرجة
كلمة أخيرة من القلب
بناء الثقة بالنفس هو رحلة، وليس سباقاً. قد تواجهين أياماً تشعرين فيها بأنكِ تراجعتِ خطوة للوراء، وهذا طبيعي جداً. الأهم هو أن تستمري، وأن تعاملي نفسك بلطف وصبر وحب. كل خطوة صغيرة إلى الأمام، كل فكرة سلبية تتحدينها، وكل إنجاز صغير تحققينه، هو انتصار عظيم يستحق الاحتفال .
عزيزتي، تذكري أن الثقة لا تعني الكمال، بل تعني أنكِ تثقين بقدرتك على التعلم والنمو. ابدئي اليوم بخطوة صغيرة، كرري التمارين، وستجدين نفسكِ أكثر قوةً وإشراقًا مع الوقت، “الثقة مثل العضلة، كلما استخدمتيها، زادت قوتها.”
والآن، هيّا! “ابدئي رحلتكِ “، العالم ينتظر إنجازاتك وابتسامتك الواثقة!
المراجع
رحلة نحو الذات. للاخصائية النفسية نورة الصفيري
اترك تعليقاً