في لحظة ما من حياة كل فتاة، تبدأ رحلة جديدة مع البلوغ، إنها مرحلة طبيعية تمامًا، لكنها غالبًا ما تكون محاطة بالصمت والخجل، خصوصًا حين يتعلق الأمر بالدورة الشهرية .
في هذا المقال، نسلّط الضوء على هذا التحول الجسدي والعاطفي، وعلاقته بالرياضة والنشاط البدني، كما وضحته الباحثة في علم الرياضة “جورجي بروينفيلز”.
تتذكر جورجي جيدًا اليوم الذي بدأت فيه دورتها الشهرية في سن الحادية عشرة، كان الخوف والقلق من أن يلاحظها أحدهم، بل حتى من مجرد الحديث عن الأمر، يثير قلق لديها لم تُخبر أحدًا لسنوات، وكانت تخشى أن يؤثر هذا التغيير على شغفها في السباحة .
لم يكن لديها أحد لتتحدث إليه، لا مدربها ولا أصدقاؤها، فقد كان الحياء حاجزًا، والجهل حاجزًا أكبر .
لكن هذه التجربة الشخصية كانت الشرارة التي دفعتها لاحقًا لتصبح باحثة في علم الرياضة، تركّز أبحاثها على فهم الدورة الشهرية وتأثيرها على أداء الفتيات ومشاركتهم في الرياضة. فقد وجدت أن الفتيات في فترة البلوغ يواجهون تحديات جسدية وعاطفية كبيرة، وغالبًا ما تؤثر على استمراريتهم في ممارسة الرياضة .
ليس لأنهم لا يملكوا القدرة، بل لأنهم يفتقروا إلى الدعم والفهم، وشعور الخجل أو الإنزعاج .
التحولات الهرمونية في فترة البلوغ
تبدأ رحلة البلوغ لدى الفتيات عادة من عمر التاسعة تقريبًا، وتستمر لعدة سنوات. خلال هذه المرحلة، ترتفع مستويات هرموني الإستروجين والبروجسترون، وتبدأ الدورة الشهرية .
هذه التحولات الفسيولوجية لا تحدث في الجسد فقط، بل تؤثر أيضاً على المزاج، والطاقة، والنوم، والشهية، والقدرة على التحمل النفسي والعاطفي .
وفي أولى سنوات الدورة، غالبًا ما تكون غير منتظمة، وقد يصاحبها شعور بالألم، أو التقلصات، أو التعب، أو حتى تغيّرات حادة في المزاج .
كل هذا يجعل الفتاة أقل رغبة في النشاط، وأكثر عرضة للانسحاب من التمارين الرياضية أو التوقف عنها تمامًا .
الرياضة والدورة الشهرية : بينهم علاقه أكثر مما نظن
قد تعتقد الكثير من الفتيات أن التمارين الرياضية تُرهق الجسم وتزيد من الأعراض المزعجة أثناء الدورة، لكن الحقيقة على العكس تمامًا .
فالنشاط البدني المنتظم يُساعد على تخفيف حدة الأعراض بشكل ملحوظ، وله فوائد جسدية ونفسية مثبتة علميًا .
كيف تساعدك الرياضة أثناء الدورة الشهرية ؟
- تخفيف الألم : تساعد التمارين في تحسين تدفق الدم وتخفيف تقلصات الرحم، مما يقلل من آلام البطن والظهر .
- تحسين المزاج : النشاط البدني يزيد من إفراز “الإندورفين”، وهو هرمون السعادة الذي يُخفف من التوتر والقلق والاكتئاب .
- مقاومة التعب : رغم الشعور بالإرهاق، تساعد الرياضة على تنشيط الدورة الدموية وتحسين مستويات الطاقة .
- تنظيم النوم : التمارين تساهم في تحسين جودة النوم الذي يتأثر أحيانًا بتغيرات الهرمونات .
- دعم الصحة على المدى الطويل : الاستمرار في الرياضة يحمي من أمراض مثل هشاشة العظام، واضطرابات الدورة الشهرية المرتبطة بالخمول، والسمنة في سن لاحق .
ما نوع التمارين المناسبة لكل مرحلة من الدورة الشهرية ؟
لأن هرمونات الجسم تتغير في كل مرحلة من الدورة، فقد تختلف معها استجابة الجسم للتمارين. لذلك، يمكن تكييف نوع النشاط مع طبيعة المرحلة للدورة الشهرية :
- مرحلة الحيض (اليوم 1–5) :
- الهرمونات : منخفضة .
- الحالة : تعب، آلام، تقلبات مزاجية .
- التمارين : المشي الخفيف، اليوغا، تمارين التمدد .
- المرحلة الجُريبية (اليوم 6–14) :
- الهرمونات : ترتفع تدريجيًا .
- الحالة : طاقة عالية، مزاج جيد .
- التمارين : الجري، السباحة، تمارين القوة .
- مرحلة الإباضة (اليوم 14–17) :
- الهرمونات : ذروة الإستروجين .
- الحالة : قوة وتحمل ممتاز .
- التمارين : تمارين شديدة (HIIT)، القفز، الأنشطة المكثفة .
- المرحلة الأصفرية (اليوم 18–28) :
- الهرمونات : ارتفاع البروجسترون .
- الحالة : توتر، انتفاخ، تقلبات مزاج .
- التمارين : البيلاتس، ركوب الدراجة، تمارين التنفس .
هل يمكنك ممارسة الرياضة أثناء الدورة الشهرية؟
نصائح عملية للفتيات أثناء الدورة الشهرية
- الراحة مهمة، لكن الخمول مضر فالاستماع للجسم لا يعني الاستسلام للشعور بالكسل، بل التوازن بين الراحة والنشاط .
- التغذية تلعب دورًا كبيرًا حيث أن الأغذية الغنية بالحديد والمغنيسيوم (مثل المكسرات، السبانخ، البقوليات) تعوض ما يفقده الجسم من عناصر .
- المتابعة وسيلة للوعي استخدمي تطبيقات مثل FitrWoman لتعرفي متى تبدأ دورتك، وما نوع النشاط الأفضل لك في كل مرحلة .
- دائما تقبلي جسدك وتغيراته لا تشعري بالخجل، فكل فتاة تمر بهذه المرحلة، فالجسد القوي والمتوازن هو سرّ الثقة بالنفس .
البلوغ والدورة الشهرية لا يجب أن يكون عائقًا أمام الفتاة، بل فرصة لتعزيز علاقتها بالرياضة والصحة .
دائمًا نقول للفتيات تستطعي ممارسة الرياضة أثناء الدورة الشهرية لكن لابد من ممارسة الرياضة المناسبة لك أثناءها، وذلك من أجل صحتك العامة .
فالنشاط ليس فقط تمرينًا للجسد، بل تمرين للثقة، والصبر ، ولحب الذات في كل حالاتها .
المرجع :
اترك تعليقاً