
…………. قصص خيالية مستوحاة من عمق الواقع
رحلة سرية إلى أعماقي
كل شيء تغيّر في لحظة .
لم تكن جنى تتوقع أن صباحها الهادئ سيتحوّل إلى دوامةٍ من الخوف والأسئلة، نظرت إلى نفسها بقلق، وهي تشعر بالذعر بعد أن لاحظت الدم لأول مرة، تسارعت نبضات قلبها من شدة القلق، وتساؤلات كثيرة تدور في رأسها :
ما الذي يحدث لي ؟
هل أنا بخير ؟
لماذا أشعر بكل هذا الألم ؟
لماذا يخرج مني هذا الدم ؟ هل أنا مريضة ؟
أريد أن أفهم ما الذي يحدث لي ؟

لم تجد جواباً لما تشعر به ،،،
أسرعت إلى غرفتها وضمت نفسها من شدة خوفها، كأنها تبحث عن أمان ضاع منها فجأة، لكنها لم تكن وحدها .
ففي لحظة هدوءٍ غريبة، ووسطِ تلك الحيرة، ظهر ضوءٌ لطيف..
وبدأت الرحلة ..
رحلةٌ إلى أعماق جسدها… ليجد كل سؤالٍ جوابًا له .
فجأة، ظهر أمامها نورٌ خافت يلتفُّ حولها، ثم يتوهج ويتحول إلى شكل لطيف، وجهه مطمئن، وصوته دافئ .
جنى (بدهشة) : من أنت ؟ وماذا تريدين مني ؟
الشخصية الخيالية – بابتسامة مطمئنة :
أنا تيرا أتيت من تساؤلاتك الكثيرة وحيرتك الشديدة، وسوف أرافقكِ في رحلة داخل جسدك، لا تخافي .
عزيزتي جنى ! ما يحدث لكِ أمرٌ طبيعي، وأنا هنا لأساعدك؛ لتفهمي ما يحدث لكِ وتشاهدي كل شيء بعينيك حتى تطمئني .
جنى في دهشة شديدة، لم تستوعب ما يحدث لها، وفي لحظات سريعة تجد نفسها تنجذب نحو دوامة من الضوء، شعرت وكأنها تطفو في الهواء، ثم تهبط ببطء في عالمٍ غامض، عالمٍ مجهول لا تعرفه، لكنه عالم ينبض بالحياة… إنها في داخل جسدها!
جنى : هل أنا بالفعل في داخل جسدي، لا أكاد أصدق نفسي .
تيرا : نعم! أنتِ الآن داخل جهازك التناسلي وسوف تتعرفين على أعضاء العمل المسؤلون عن دورتك الشهرية .
جنى : ماذا تقولين دورتي الشهرية!!.
تيرا : نعم هذا النزف الذي رأيته والألم الذي تشعرين به ما هو إلا دم الحيض وتسمى الدورة الشهرية لأنها ستحدث لكِ كل شهر، وهو جزء من نموك ونضوجك .
وفجأة سمعت جنى أصواتاً تهمس لا تكاد تسمع ولم تعي ما يقال، كائنات صغيرة تسبح حولها،،
جنى : في ( دهشة ) من أنتم ؟
تيرا : إنهن الهرمونات .. حيث يتغير لونهن بسرعة، تارة زرقاء هادئة، وتارة حمراء مشتعلة…!
جنى : هرمونات!! ماذا تعنين بهرمونات .

تيرا : سوف أوصفها لك .. الهرمونات هي مثل رسائل صغيرة داخل جسمك، تنقل الأوامر من الدماغ إلى الأعضاء المختلفة، وهي تنظم نمو جسمك، وتؤثر في حالتك المزاجية، ودورتك الشهرية .
وهذه الرسائل الخاصة توجه كل جزء من جسمك؛ لتخبره متى يكبر، ومتى يتغير، وكيف يعمل. وهي كل هذه التغييرات التي تشعرين بها الآن!
إلتفت الهرمونات الصغيرات حولها يرحبن بها .
مرحبًا بكِ جنى أنا هرمون الإستروجين، أساعدكِ في بناء جسدكِ ليكون مستعدًا لهذه المرحلة الجديدة .
وأنا هرمون البروجستيرون، أتأكد من أن كل شيء يسير بسلاسة وأساعد الرحم في التحضير للدورة الشهرية، فإذا كان هرمون الإستروجين يساعدكِ على النمو، فأنا المنظم الذي أجهز جسدكِ لكل دورة، حتى أتأكد أن كل شيء يسير في وقته المناسب!
أمّا أنا هرمون الأدرينالين !! هل تشعرين بتلك النبضات السريعة ؟ أنا من يسبب لك ذلك عندما تشعرين بالتوتر!
جنى تراقب الهرمونات بدهشة، كل واحدٍ منهم يتحرك بطريقة مختلفة، كأنهم مجموعة من الفراشات المضيئة تتحكم بمشاعرها وأحاسيسها .
أمسكت تيرا بيدها بلطف : هيا يا جنى، سوف نبدأ الرحلة الآن!
انطلقت تيرا مع جنى لتأخذها عبر نفق طويل؛ لتصل بها إلى مساحة دافئة وواسعة، شعرت جنى وكأنها محاطة بجدار ناعم، تشكّلَ أمامها صورة الرحم، على شكل سحابة وردية متوهجة، تنبض بهدوء وكأنها قلب كبير .
(السحابة الوردية) الرحم – بصوت حنون :
أهلًا بكِ، جنى، أنا الرحم، هنا المصنع الذي يحدث فيه كل شيء .
هنا يتكون الجنين، وينمو .

جنى تنظر حولها، تشعر أن الجدران الناعمة المحيطة بها تتحرك ببطء تنقبض وتنبسط، وكأنها تتنفس .
جنى في تردد وقلق :
أريد أن أسألك ،، لماذا أشعر بكل هذا الألم ؟ ولماذا ينزل هذا الدم ؟
(الرحم) يبتسم بلطف :
هذا جزء من نموك ورحلة بلوغك، فكل شهر أستعد لاستقبال بويضة صغيرة، وإذا لم يتم اكتمالها، أقوم بتجديد وتنظيف نفسي من تلك التكتلات الدموية، ولهذا تتخلص بطانة الجدار الناعم من بعض أجزائها. لا تخافي، فهذا جزء طبيعي من النمو والتوازن داخل جسمك .

ثم تكمل جنى السير مع تيرا عبر أنبوب أسطواني طويل يرتبط بالسحابة الوردية من الجهتين، يمتد أمامها، يشبه شريطًا مضيئًا يتمايل في الهواء،
تيرا : إنها (قناة فالوب) واسمها المرشدة الفضية .
المرشدة الفضية : مرحبًا بكِ جنى! هنا تحدث أهم التحولات في جسمكِ .

جنى (تتابع بدهشة فشاهدت بلورات مضيئة تتحرك) : ماهذه البلورات المضيئة ؟
المرشدة الفضية ( قناة فالوب ) : هذه بلورات صغيرة الحجم تتحرك من خلالي، إنها البويضة وتدعى (البويضة لؤلؤة) وهي تنتقل من المبيض إلى الرحم .

جنى بفضول : وماذا يحدث للبويضة لؤلؤة بعد ذلك ؟
المرشدة الفضية : البويضة لؤلؤة تنتظر ! وإذا لم يتم اكتمال مهمتها تنتهي رحلتها هنا، لتشارك في بدء دورة شهرية جديدة والتي تحدث لكل الفتيات .

هنا تستعد جنى في مواجهة الدورة الشهرية (النبض الدافئ)
تيرا بحماس : والآن يا جنى وقبل انتهاء الرحلة سوف تتعرفي على النبض الدافئ .
جنى بحذر : أنا أشعر بالخوف من منظر الدم!!
تيرا : تعالي معي ولا تخافي .
وسرعان ما تجد جنى نفسها وسط تيار أحمر متحرك ومتدفق لكنه ليس مخيفًا كما ظنت. يتشكل أمامها على شكل سائل متدفق، يتحرك بحرية ويبدو وكأنه ينبض بالحياة .
أهلًا جنى! أنا لست مخيفاً كما تظنين، بل أنا جزء منكِ. لا تخافي مني، فأنا مجرد إشارة على أن جسمكِ يعمل بشكل صحي!
وأريد أن أوضح لك أنني -دم الحيض- لا أتدفق بشكل مستمر مثل نزيف الجرح، بل أنزل على دفعات بسبب انقباضات السحابة الوردية (الرحم)، لذلك أردت أن أوضح ذلك لك بطريقة لطيفة عزيزتي حتى لا تخافي .
جنى تأخذ نفسًا عميقًا، وتشعر براحة كبيرة، وكأنها فهمت أخيرًا أن هذا التغيير والألم ما هو إلا مرحلة جديدة في حياتها، وليس شيئاً مرعباً .
عادت جنى إلى غرفتها، فتحت عينيها، وكأنها في حلم غريب، وحينها شعرت بشيء مختلف… لم تعد خائفة .
عرفت الآن بأن كل ما يحدث لها، بسبب دورة طبيعية متكاملة تحدث داخلها، تعمل بتناغم وسلاسة، وكأنها سيمفونية رائعة من التغيرات .
ابتسمت، ثم همست لنفسها : أنا قوية…
والآن،، أنا أفهم ما يحدث لي .
اترك تعليقاً